يعتبر ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ من الاحزاب الواقعية التي تعلم حجمها وقوتها ونسبة تمثيلها، وجاءت نتيجة الانتخابات لتؤكد على هذا الأمر بحيث نال الحزب تسعة نواب دون حصول أي مفاجآت تُذكر ولو أن المفاجأة كانت قريبة من الوقوع بعد أن كاد رئيس ​حزب التوحيد​ وئام وهاب أن يطيح بوزير التربية مروان حمادة.

تمكن الحزب التقدمي الاشتراكي من الفوز بالمقعد الدرزي في ​البقاع الغربي​ ​راشيا​ وكان من نصيب وائل أبو فاعور الذي نال ما يزيد عن 9 الاف صوت تفضيلي جعلوه يحتل المركز الثاني في الدائرة، والفوز بالمقعد الدرزي في ​بيروت​ الثانية وأتى من نصيب فيصل الصايغ وحصل على ما يقارب الـ500 صوت تفضيلي، بالاضافة الى نجاحه بالحصول على سبعة مقاعد في ​بعبدا​، ​الشوف​ و​عاليه​ ذهبت الى: هادي أبو الحسن، تيمور جنبلاط، مروان حمادة، بلال عبد الله، نعمة طعمة، اكرم شهيب، وهنري حلو.

خاض التقدمي الاشتراكي الانتخابات بالتحالف مع تيار "المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية"، الا أن علاقته مع الطرفين لم تكن جيدة وبالتحديد مع "المستقبل" بسبب ما حصل في البقاع الغربي-راشيا مع أنطوان السعد. وبالعودة الى الوراء قليلا كان رئيس الحزب ​وليد جنبلاط​ يتعرض لحملات سياسية شرسة من قبل التيار الوطني الحر الذي تحدث عن كسر احتكار جنبلاط للجبل، وأهمية نجاح مسعى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل "بخلق" كتلة نيابية وازنة بقيادة رئيس الحزب الديمقراطي ​طلال ارسلان​ تشكل "ندّا" لجنبلاط.

جاءت نتائج الانتخابات محبطة لمن أرادها "ضربة" للمختارة، وبطبيعة الحال فشلت الحملات السياسية بعد أن أكدت الناس تمسكها بخيار المصالحة، وخطاب العيش المشترك، مقابل خطاب الحقد والكراهية، يقول مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، مشيرا الى أن اهل الجبل انتخبوا خيار التطلع للمستقبل بدل نبش قبور الماضي، واقترعوا للدور التاريخي والوطني لدار المختارة الذي شهد محاولات عديدة لإضعافه بالعقود الماضية.

كما في انتخابات عام 2009 اتخذ جنبلاط قرار ترك مقعد فارغ في عاليه لأرسلان، ورغم ذلك خاض الأخير معركة كلامّية وسياسيّة شرسة ضد التقدمي الاشتراكي، الا أن هذا الأمر بحسب الريس أصبح "وراءنا"، ورغم أن ارسلان لم يبادل "الجميل بالجميل" الا أن قرار جنبلاط كان نابعا من الحرص على وحدة الصف الداخلي، مشيرا الى أن الناس شهدت كيف تعاطى البعض مع هذه الخطوة الإيجابية، والحكم للأيام المقبلة.

تشير مصادر مطلعة على معركة الشوف عاليه عبر "النشرة" الى أن وهّاب كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز لو جاءه الدعم الشيعي كاملا، ولكن ما يقوله وهاب عن "غدر" لحق به غير صحيح لأن حركة أمل كانت واضحة معه منذ البداية بأن أصواتها ستكون لحليفها جنبلاط، وحزب الله كاشفه أيضا بأن أصواته في الشوف ستكون إليه وأصواته بعاليه ستكون لأرسلان، مستغربة ما صدر عن وهّاب تجاه بيئة المقاومة وشعبها. بالمقابل يرى الريّس أن نوعا من التضليل يمارس من قبل وهّاب عندما يتبجّح بعدد الأصوات التفضيلية التي نالها مقابل أصوات مروان حمادة، اذ ما يجب أن يكون معلوما هو أن التقدمي الاشتراكي وزّع أصواته التفضيلية على عدد من المرشحين وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتحدث عن إكتساح قادم الى الجبل.

خلطت نتائج الانتخابات اوراق السياسة في لبنان، فالواقع الجديد يتطلب إعادة النقاش على قواعد جديدة أفرزتها الانتخابات بحيث لم يعد ممكنا التعاطي بين الفرقاء على القواعد القديمة ذاتها، الا أن التقدمي الاشتراكي لن يكون بعيدا عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث أن العلاقة بين الطرفين بحسب الريّس تاريخية وصلبة ولا تمس بها اليوميات السياسية. ويقول: "نحن متمسكون بالعلاقة التاريخية مع بري أمّا فيما يتعلق بالتحالفات في المرحلة المقبلة فهو امر رهن التطورات المقبلة".

شدّ الكلام الانتخابي الذي حصل ضد جنبلاط "العصب" الانتخابي، فساهم الى جانب موقف مشيخة العقل برفض محاصرة المختارة، سلاحا قويا لتحقيق النتيجة الايجابية في الانتخابات.