يومَ القيامة عيّدني كثيرون من الأصدقاء المسلمين قائلين: المسيح قام! طبعا، إنها مشاركة وليست عقيدة.

والمشاركة ب​المحبة​ تبقى فوق كل العقائد وطريق السلام المضمون بين البشر. كيف لا وهي وصية ​السيد المسيح​ الأكبر والأساس: "أحبوا"

وإن كان ​المسلمون​ يعتبرون بأن المسيح لم يُصلب ولم يمت، بل رُفع إلى السماء، رغم ما جاء في الآية: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا وما شابهها من آيات والتي لهم فيها تفسيرات عدة... إلا أنهم يؤمنون بأنه ارتفع إلى السماء، ومنها سيعود.

المسيح لا يموت! والمسلمون هنا على حق. وهذا ما يؤكده ​المسيحيون​ قبل المسلمين:

كيف يمكن أن ينتهي من لا نهاية له؟

كيف يمكن أن تذهب قوة الحياة ممن هو الحياة؟

كيف يمكن أن يموت الذي أعاد الحياة للموتى؟

كيف يموت الله؟ الله لا يموت. وكلمة الله لا تموت.

لا بد إذا من فهم طبيعة المسيح وجوهره، لنفهم قيامته وصعوده ومجيئه الثاني:

في المسيح ما هو من عَلُ من طبيعة الله: كلمة الله وروح الله.

وفيه ما هو من الطبيعة البشرية، الجسد الذي أخذه من مريم بطريقة معجزة، كما جاء في القرآن وفي ​الإنجيل​.

فكل ما في المسيح من عَلُ لا يخضع لا للألم ولا للموت، لا بل هو مصدر الخلاص والحياة والخلق.

أما ما هو من طبيعة الأرض والبشر فهو يخضع للألم والموت. فالمسيح المتجسد هو الذبيحة، هو الذبح العظيم، الذي به فداء البشر. هو "الذي تألم ومات لأجل خلاصنا".

نعم المسيح كلمة الله لا يموت. على الصليب نحن نشاهد الجسد (الإنسان) الذي اتخذه يسوع كلمة الله، ليكون شريكا للبشر في كل شيء ما عدا الخطيئة. في الجسد (الإنسان) يسوع على لصليب، وككلمة الله هو دوما في اتحاد أزلي أبدي مع الله بجوهر واحد وطبيعة واحدة، حيث لا موت ولا فناء، بل حياة لا نهاية لها.

إنها الأسرار الإلهية، التي تتعلق بحياة الله! وإن كنا نحن البشر لم نفهم بعد إلا ما قَلّ من أسرار الكون وأسرار الإنسانية فكيف لنا أن ندعي أننا نفهم سر الله خالق الكون والبشر؟

لم يكن أبدا من السهل على أحد ولا حتى على رسل المسيح أنفسهم فهم هذا السر بداية. لقد التبس على كثيرين. فضاع الناس واختلفت الآراء وشبهت لهم أمور كثيرة. أما الرسل لم يفهموا إلا بعد القيامة وبعد العيش مع المسيح الناهض من الموت وحمل رسالته.

نحن أيضا لن نفهم سر الله إلا بعد أن نحمل رسالته، رسالة المحبة والسلام والاستعداد أن نكون ذبيحة من أجل بعضنا البعض فلا نقاتلن أبدا بعضنا البعض باسم الله واسم الدين.

فالسيد المسيح، كلمة الله، يبقى سرا خفيا على عقولنا نحن البشر، لكنه ينكشف أمام محبتنا. متى أحببنا بعضنا البعض وانفتحنا على أرواح بعضنا البعض بما في العقل من حكمة واتساع لم تدرك الإنسانية مداها بعد، فلا شك ستتضح لنا أمور كثيرة وسنفهم أكثر فأكثر سر الله.

تعالوا نحب، فنفهم!

وما دمنا نؤمن بأنه صعد وارتفع، تعالوا اليوم نردد معا: المسيح صعد! حقا صعد!

وعيد صعود مبارك على الجميع.