بعد كثرة تهديدات الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ ل​إيران​، قرّر أخيرا تنفيذ ما وعد به خلال حملته الانتخابية والإنسحاب من ​الاتفاق النووي​ الذي عقدته الدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة وإيران بظل رفض اوروبي تام لهذه الخطوة التي ستعكّر صفو منطقتنا والعالم، فما هي الأسباب التي دفعت ترامب لاتخاذ قراره وكيف ستكون تداعياته على إيران والمنطقة؟.

لا شك أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي كان متوقعا وممهدا له منذ أشهر، ولكن تأخر نتيجة محاولة ترامب تحقيق الأهداف التي يريدها دون ضرب الاتفاق. وفي هذا السياق يشير الباحث بالشؤون الإيرانية علاء حسن الى ان "الأميركي حاول التفاوض مع الايرانيين على الصواريخ البالستية وإدخالها ضمن الاتفاق، الا أن محاولاته قوبلت بالرفض المطلق، كذلك حاول التفاوض مع ايران عبر وساطات دولية حول الملف الأبرز بالنسبة ل​إسرائيل​ وبعض ​الدول الخليجية​ وهو الوجود الايراني في منطقة الشرق الأوسط، وإدخال هذا الملف أيضا ضمن الاتفاق عبر تعديله، الا أنه فشل أيضا ما جعله ينسحب من كامل الاتفاق بعد أن وجده لا يقدّم أي انتصارات للأميركي والفريق الذي يتبع له".

يعلم الأميركي أن الايراني لا يطمح لبناء سلاح نووي ولذلك لم يؤد الاتفاق النووي الذي أنتجته إدارة ​باراك أوباما​ الى أي مكاسب سياسية كبرى، بل اقتصادية فقط عبر محاصرة ايران بطريقة مختلفة عن العقوبات، وزيادة الوجود الأجنبي للمنظمات الدولية والشركات الأجنبية فيها، لذلك وجدت الإدارة الأميركية الجديدة ان التقدم الإيراني بمجال الطاقة النوويّة سيضعها في مصاف الدول الكبرى اقتصاديا وهذا ما لا يريده الأميركي والاسرائيلي، فكان قرار نسف الاتفاق والاعلان عن الاستعداد للتفاوض على اتفاق جديد.

تأثير القرار الاميركي

ستواجه إيران بحسب حسن مشاكل اقتصادية كبرى نتيجة القرار الاميركي وقد بدأت ملامحها تخرج للعلن مع وصول الدولار الى 68 الف ريال ايراني، وقرار شركة بوينغ العالمية بإعادة درس عقودها مع طهران بعد تدارس الموضوع مع الادارة الأميركيّة. ويضيف حسن: "كذلك سيكون للقرار تأثيراته الإيجابية من ناحية تقوية قرار "العسكر" في إيران، لان الاتفاق النووي حاصر هذا القرار سابقا بحيث كانت تحسب طهران ألف حساب لأي موقف او فعل، اما اليوم فستتحرك بشكل مريح في سوريا، وستظهر نتيجة هذا الأمر أيضا في الانتخابات العراقية المقبلة وإسم شخصية رئيس الحكومة العراقي".

أما بالنسبة للوضع الأمني فيشدد حسن على أن الاسرائيلي سيستمر باستفزاز طهران في سوريا لدفعها للرد على ضربة مطار التيفور على قاعدة "وجع ساعة ولا وجع كل ساعة"، الا أن الايراني سيكمل بدرب الابقاء على الاسرائيلي بحالة تأهّب مستمر، وعلى المجتمع الاسرائيلي بحالة خوف وقلق، الا أن الرد الإيراني سيتحقق حتما دون أدنى شك، مع الاشارة الى أن الضربات المتبادلة بين ايران واسرائيل في سوريا لن تؤدي لحرب كبيرة.

التفّ الشعب الإيراني حول حكومته ورئيسه اذ عندما يتعلق الامر بكرامة إيران تضع كل الأطراف المتنازعة داخليا خلافاتها جانبا، ويصبح الأهم بحسب مراقبين "ألاّ تنكسر إيران وألا يُسمح للرئيس الأميركي بإعادة عقارب الساعة الى زمن محمد مصدّق* ولكن من باب الطاقة النووية.

*محمد مصدق: رئيس وزراء إيران السابق، انتخب مرتين سنة 1951 و1953 إلا أن المخابرات الأميركية والبريطانية خلعتاه في عملية مشتركة سميت بعملية أجاكس لمنع إيران من امتلاك قوة النفط.