على الرغم من حرص أغلب الأفرقاء على تأكيد ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة، حيث يشدد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على أنها ستكون حكومة العهد الأولى، بدأت العديد من العقبات تظهر منذ ما قبل الإنتهاء من ​الإنتخابات النيابية​، لا سيما أن الأخيرة أفرزت توازنات معقدة على أكثر من ساحة.

من حيث المبدأ، لن تتأخر عجلة الإستحقاقات الدستورية عن الإنطلاق، في الأيام المقبلة، لناحية إنتخاب رئيس المجلس النيابي، الذي سيكون حكماً نبيه بري، ليبدأ بعد ذلك "شدّ الحبال" حول عملية تأليف الحكومة، التي على ما يبدو لن تكون ولادتها سهلة.

في هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، على التوجه نحو إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة من قبل أغلب الكتل النيابية الوزانة، باستثناء كتلة "الوفاء والمقاومة"، لكنها تشير إلى أن رئيس الحكومة، بعد ذلك، سيجد نفسه أمام العديد من "الألغام"، بالرغم من رهانه على التفاهم مع "​التيار الوطني الحر​" لتسهيل مهمته.

وتلفت هذه المصادر إلى أن "العقدة" الأساس ستكون حقيبة المالية، التي يُصر رئيس المجلس النيابي على أن تكون من حصته وعلى تسمية الوزير الحالي ​علي حسن خليل​ لها، في حين أن كلاًّ من "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" سيسعيان إلى منع حصول ذلك، أولاً عبر المطالبة بالمداورة في الحقائب وثانياً عبر الدعوة إلى الفصل بين النيابة والوزارة، وتشدد على أن "​حزب الله​" سيكون، في هذه المواجهة، إلى جانب "​حركة أمل​" حتى النهاية.

بالتزامن، تتحدث المصادر عن "عقبة" جديدة أمام تشكيل الحكومة، متعلقة بالحقائب الوزارية الدرزية، حيث تلفت إلى أن رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" وليد جنبلاط قد يعمد إلى رفض توزير رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" النائب طلال أرسلان، خصوصاً بعد أن نجح في حصد أغلب المقاعد النيابية الدرزيّة، في وقت قد يسعى "التيار الوطني الحر" إلى الإصرار على هذا الأمر، لا سيما بعد تحالفه مع النائب أرسلان في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وإعلانه بأن الفائزين من ضمن لائحة "ضمانة الجبل" سيكونون ضمن كتلة نيابية واحدة برئاسة رئيس "الديمقراطي اللبناني"، وترى أن حل هذه "العقبة" لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض.

على صعيد متصل، تشدد المصادر السياسية المطلعة على أن رئيس الحكومة سيكون أمام "معضلة" رفض تسميته كل الوزراء السنة من قبل قوى الثامن من آذار، لا سيما أن الأخيرة باتت تملك كتلة نيابية تضم 7 نواب من الطائفة السنية، وبالتالي ستسعى إلى أن تكون ممثلة على طاولة مجلس الوزراء بشخصية منها على الأقل، الأمر الذي لا يمكن توقع "هضمه" من جانب تيار "المستقبل"، الذي يريد الحدّ من خسارته على المستوى الإنتخابي.

وفي حين تتوقع هذه المصادر أن يكون هناك "شد حبال" حول حقيبة الطاقة، لا سيما بعد طرح تيار "المردة" الحصول عليها خلال مرحلة الحملات الإنتخابية، تشير المصادر نفسها إلى أن التمثيل المسيحي برمته سيكون أمام معركة من العيار الثقيل في الحكومة المقبلة، لا سيما بعد نجاح حزب "القوات اللبنانية" بالفوز بكتلة نيابية وازنة من 15 نائباً، بالإضافة إلى فوز تيار "المردة" بثلاثة مقاعد نيابية، من المتوقع أن يكونوا جزءاً من كتلة ينضم إليها، على الأقل، النائبين فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني، من دون تجاهل وجود كتلة أخرى تضم 3 نواب مسيحيين، كتلة "​الحزب السوري القومي الإجتماعي​"، بينما من المتوقع أن تختار كتلة "الكتائب"، التي تضم أيضاً 3 نواب، البقاء في صفوف المعارضة، وتضيف: "هنا لن تكون المواجهة سهلة مع سعي أغلب الأفرقاء إلى رفع سقف مطالبهم".

في المحصلة، لن تكون ولادة الحكومة المقبلة "سهلة"، إلا بحصول "معجزة" على مستوى تقديم مختلف الأفرقاء تنازلات غير متوقعة، بسبب الأوضاع "الملتهبة" التي تمر بها المنطقة بعد إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي ينعكس على الأوضاع اللبنانية.