لا تزال تداعيات نتائج ​الانتخابات​ النيابية تتفاعل في اروقة الاحزاب الداخلية وينتج عنها إقالات واستقالات، منها ما بقي داخل "الاروقة" الداخلية كما يحدث من "خضة" محدودة داخل القومي ومنها ما هو علني وكبير كما يحدث في ​تيار المستقبل​ امس وامس الاول ومتوقع ان تستمر "الخضة التنظيمية" للتيار الازرق لبضعة ايام إضافية.

ولعل الخبر الابرز في اليومين الماضيين هو اعلان مدير مكتب الرئيس ​سعد الحريري​ وابن عمته و"امين سره" لاكثر من عشرة اعوام ​نادر الحريري​ استقالته، وهو قرار كان نتيجة "حتمية" لنتيجة الانتخابات التي اتت مخيبة للامال وجعلت من الرئيس الحريري وتياره السياسي الخاسران الاكبران انتخابياً وسياسياً لدرجة انه اصبح "حديث" الدول الاقليمية الكبرى ك​تركيا​ "الاخوانية"، التي غمزت منذ ايام من خسارة الحريري كمؤشر على تراجع ​السعودية​ وتدني تأثيرها على الساحة ال​لبنان​ية في مقابل "صعود نجم" ​حزب الله​ وحلفاء ​ايران​ و​سوريا​ وتحقيقهم نتائج انتخابية كبيرة جعلتهم محط اهتمام ​اميركا​ واوربا والعالم.

هذه الاجواء هي محط متابعة في اوساط 8 آذار وخصوصاً السنية منها اذ تؤكد شخصية بقاعية بارزة ان الاجواء متوترة للغاية في البقاع الغربي والاوسط وفي القرى التي كانت تعد معقلاً للحريري على خلفية "فساد مالي" قام بها مسؤولو المستقبل في قرى ومدن هذه المنطقة كما يتردد اخبار عن "اختلاسات" بالجملة طالت اجور موظفي المستقبل خلال فترة الانتخابات بالاضافة الى اتعاب المندوبين وايضاً "بونات" وقسائم البنزين التي "اختفت" ناهيك عن فضيحة "تبخر" حصص غذائية على ابواب شهر رمضان المبارك لسُنّة البقاع والنازحين السوريين ومصدرها السعودية والامارات.

في المقابل تردد اوساط سنية شمالية الامر نفسه في منطقة الشمال و​طرابلس​ وتسود حالة من التوتر بين ​القاعدة​ الشعبية للمستقبل وبين كوادره ومنسقي المناطق والمسؤولون عن الحملة الانتخابية. وفي حين يتردد في الشمال ان الوعود المالية والخدماتية اطلقت بالمئات ابان زيارات الرئيس الحريري الى الشمال وعكار وطرابلس لم ينفذ منها شيء كما ان المساعدات "العاجلة" العينية والمادية لم تصل كما وعد المستقبل بعد الانتخابات مباشرة.

وترى الاوساط ان الاقالات الجماعية من نادر الحريري الى غيره من الاسماء الكبيرة، فنادر الحريري اختار هو ​الاعلان​ عن استقالته منعاً للاحراج وحفظ ماء وجهه وماء وجه والدته والرئيس الحريري وكسقف عال من تحمل الفشل الانتخابي للمستقبل فكل اقالة تحت سقف نادر الحريري ستقبل ولن تشكل ردة فعل على اعتبار ان اقرب المقربين للحريري وابن عمته دفع ثمن الفشل الانتخابي" حبياً"، في حين سيدفع كل مسؤولو الانتخابات والماكينات ومنسقي المناطق ثمن هذا الفشل الذريع.

وتقول الاوساط ان الرئيس الحريري ومن باب حفظ ماء وجهه ومن باب التخفيف من وقع الخسارة عليه ان يُّدفع احدهم ثمن الفشل وان يبقي على شارعه ممسوكاً بعد النتائج الهزيلة لتيار يدعي انه ممثل السنة الاوحد في لبنان ونزلت حصته من النواب من 34 الى 21 ولم يتجاوز عدد النواب السنة في كتلته الـ17 فيما يملك اخصام الحريري في 8 آذار 8 نواب سنة كما يشكل الرئيس ​نجيب ميقاتي​ حالة سنية مستقلة من 4 نواب بينهم ماروني بالاضافة الى "ضعف" الحريري المتأتي عن تقديمه التنازلات لرئيس الجمهورية وصهره الوزير ​جبران باسيل​.

فالشارع السني وفق الاوساط لم يستسغ حتى الآن رؤية رئيس حكومته والممثل الاول للسنة سياسياً في لبنان شخصية ضعيفة و"تُدار" من قبل باسيل وفريقه فالتنازلات التي يقدمها الحريري برأيهم تضعف السنة ودورهم وحضورهم السياسي وتقلل من حصصهم في الدولة ومرافقها العامة.

ورغم كل ما تقدم لا تعتقد الاوساط ان الترهل الحزبي والخسارة الانتخابية لتيار المستقبل ستجعل من رئيسه شخصية ضعيفة ومنهكة خلال التفاوض على تشكيل الحكومة بعد توجه شبه واسع لتسميته ل​رئاسة الحكومة​ ولو ان حزب الله سيمتنع عن تسميته في مقابل ان يسمي رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ الحريري للرئاسة بإسم ​الطائفة الشيعية​ وذلك حفاظاً على التوازن الوطني والسياسي وعدم كسر الممثل الاول للسنة رغم تراجعه الانتخابي الاخير.

وتشير الاوساط الى انه يمكن ان يكون لهذه المراجعة الحزبية دور ايجابي على المستقبل كحزب وان يتجاوز الاخطاء التي ارتكبت فالثواب والعقاب والاقالة والتعيين وتجديد الكوادر الحزبية ليست سلبية بل بناءة للاتعاظ من التجارب.

في المقابل تؤكد اوساط قيادية بارزة في تيار المستقبل ان كل ما يجري يؤكد ان تيار المستقبل هو حزب عصري ويمتلك دينامية وحيوية حزبية وعقلية سياسية حديثة ولديه الجرأة لتصحيح الاخطاء ووضع الاصبع على الجرح. فالشارع السني قال كلمته وصوت الى جانب المستقبل ورغم تراجع حجم كتلتنا فنحن سعداء بالنتيجة التي تحققت وليس العكس وكتلتنا ارتفعت نائبين سنيين ومطلوب من كل الاحزاب وليس المستقبل فقط ان تتحلى بالجرأة لمحاسبة المقصرين بعد الانتخابات او غيرها من الاستحقاقات فمن دون المساءلة والمحاسبة والديمقراطية لا حياة حزبية ولا من يحزنون.

وتربط الاوساط بين استقالة نادر الحريري وملف الاقالات في اوساط المستقبل وهي نتيجة طبيعية للانتخابات ومن الطبيعي ان تحدث وتوقيتها ملائم ونتوقع ان تكون التعيينات البديلة في مؤتمر تنظيمي سيكون غير بعيد بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة.

وتؤكد الاوساط ان لا داع للتأويلات والتحليلات والشائعات التي تصدر من هنا وهناك والكثير من اللبنانيين لم يعد لهم غير المستقبل ليشغلهم ويتحدثون عنه فما يحدث نحن نعلنه تباعاً ولا نخجل منه ونعتبره من صلب الحياة الديمقراطية والحزبية.