على ضوء نتائج ​الإنتخابات النيابية​، وما أفرزته من توازنات على المستوى الداخلي وتداعيات في صفوف بعض القوى السياسية، بدأت تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول الملفات المؤجلة من المرحلة السابقة، حيث من المتوقع أن تعود إلى الواجهة من جديد، إنطلاقاً من البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى.

ما قبل 6 أيار لن يكون كما بعده، هذا ما يُجمع عليه مختلف الأفرقاء المحليين، لا سيما مع إنقلاب الموازين الداخليّة وتضعضع بعض التحالفات المحلية، لكن هذا لا يلغي أهمية ما يحصل على مستوى المنطقة من تحولات، خصوصاً بعد إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي الإيراني، بالإضافة إلى التوتر الذي حصل على جبهة الجولان السوري المحتل.

في هذا السياق، تتحدث مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، عن مرحلة حاسمة بالنسبة إلى أكثر من ملفّ، خصوصاً أن ما حصل على مستوى تيار "المستقبل"، مؤخراً، لا يمكن فصله عن محاولات السعوديّة إعادة ترتيب وضع حلفائها على الساحة المحليّة، وتشير إلى أن الرياض لم تسلّم بفقدان القوى المتعاونة معها الأغلبيّة النيابيّة، في حين لم يتأخّر المحور المقابل في الإعلان عن فوزه في الإستحقاق الإنتخابي.

وتشير هذه المصادر إلى أن السفير الإماراتي ​حمد الشامسي​ والقائم بالأعمال السعودي ​وليد البخاري​، كانا أول من بادر إلى القيام بجولة على عدد من الحلفاء، لتهنئتهم على النتائج التي حقّقوها، بالرغم من أنه، على مستوى الأغلبيّة والأقليّة في المجلس النيابي، الإنتصار كان من نصيب تحالف قوى الثامن من آذار و"​التيار الوطني الحر​"، وتلفت إلى أن إبعاد ​نادر الحريري​، مدير مكتب رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، عن مسؤولياته لا ينفصل عن هذا الإطار.

إنطلاقاً من ذلك، تتطرق المصادر نفسها إلى الملفات الأساسية، حيث تشير إلى أن الملف الإقتصادي سيتصدّر المداولات، لا سيما بعد مؤتمر "سيدر" الذي أعطى قروضاَ مشروطة بقيام الجانب اللبناني بإصلاحات بنيويّة، لكنها في المقابل تلفت إلى أن العديد من الأفرقاء لن يتساهلوا في التعامل مع هذا الملف، وتذكر بأن هؤلاء سبق لهم أن أكّدوا أن كل قرض سيكون موضع نقاش داخل مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي، محذّرة من إمكانية سيطرة "النكايات" في هذا المجال، في ظل سعي "التيار الوطني الحر" إلى تحقيق إنجازات نوعيّة يضعها في إطار نجاح العهد، في حين قد يعمد المعارضون إلى العرقلة.

بالتزامن، تلفت هذه المصادر إلى أن ملفّ النازحين السوريين عائدٌ بقوة، خصوصاً من جانب "التيار الوطني الحر"، وتوضح أنه لن يتساهل في هذا المجال بل على العكس سيدفع إلى البتّ به، لا سيما بعد الكلام الذي صدر في مؤتمر بروكسل، في حين أن بعض الأفرقاء في قوى الثامن من آذار لن يترددوا في المطالبة بالتنسيق مع الحكومة السوريّة في هذا المجال، متحجّجين بأن المجتمع الدولي يعمل على تحويل إقامتهم في لبنان من "موقّتة" إلى "دائمة"، لكن في المقابل لن يستطيع تيار "المستقبل" المغامرة في مثل هذا الأمر، خصوصاً في ظل الموقف السعودي المتشدّد.

على صعيد متصل، توضح المصادر السياسيّة المطلعة أن الملف الأبرز، في المرحلة المقبلة، سيكون الإستراتيجيّة الدفاعية وسلاح "​حزب الله​"، لا سيما بعد أن تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن بحث هذا الموضوع بعد الإنتهاء من الإنتخابات النيابية، وتشير إلى أن الأساس في هذا الطرح سيكون لدى البحث في البيان الوزاري، بعد أن سارع بعض الأفرقاء إلى الإعلان عن رفضهم الإشارة إلى كلمة مقاومة، بينما يصرّ الحزب، مع حلفائه، على أن معادلة "الشعب والجيش والمقاومة" باتت ثابتة وطنية.

وتشير هذه المصادر إلى أن أهمية هذا الملف ناجمة عن التحوّلات الحاصلة على مستوى المنطقة، بالإضافة إلى الضغوط الإقليميّة والدوليّة على الحزب، وتوضح أن هذا الواقع هو الذي دفعه إلى تحويل الإنتخابات في الدوائر التي له حضوراً فاعلاً فيها إلى إستفتاء على خيار المقاومة وسلاحها.

في المحصّلة، ستكون الأيام المقبلة على موعد مع العديد من الإستحقاقات، لا سيما مع إقتراب موعد نهاية ولاية المجلس النيابي في 23 الجاري، فهل تنجح القوى السياسيّة بالوصول إلى تسويات معقولة؟.