كشف الأمين العام لـ"​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​، في كلمة متلفزة في الذكرى السنوية الثانية لغياب القائد في الحزب ​مصطفى بدر الدين​، أنّ "منذ البدايات عندما ذهب مصطفى الى ​سوريا​، ذهب معه عدد كبير من القادة، ومن واجبي اليوم أن أذكر أحد هؤلاء الكوادر الأساسية الّذين التحقوا بمصطفى بدر الدين، الحاج ابو حسن بيز. بدايات العمل الجهادي أسّسه في الميدانت، وبالفعل عدد من الأخوة بعضهم استشهد وبعضهم على قيد الحياة"، مبيّناً أنّ "الّذين يعملون في المجال العسكري والأمني، يجب أن تبقى أسماؤهم ووجوههم مخفية وهذه من لوازم هذا الالتزام"، مشيراً إلى أنّ "في يوم من الأيام يجب أن تسجّل أسماء هؤلاء بالذهب، ومصطفى بدر الدين كان من هؤلاء الأوائل الذين قضوا عمرهم في هذه الطريق وأبدعوا فيه".

ولفت إلى أنّ "عموماً الإنطباع الشعبي العام عن الشخصية العسكرية تصبح شخصية قاسية. في القادة المؤمنين هذه الصفة تكون موجودة إلى جانب شخصية متناقضة تماماً"، موضحاً أنّ "في مواجهة أعداء الأمة ومواجهة المعتدين، المؤمن الحقيقي يجب أن يكون شديداً وقاسياً، أمّا الّذي ينظر إلى العدو ويتعاطى نفسيّاً بخوف وضعف ووهن، كهؤلاء الّذين يتعاطون بوهن اليوم، هؤلاء لا يمتون إلى القادة المؤمنين بصلة"، منوّهاً إلى أنّ "القادة يكونون أشداء مع الّذين يريدون نهب أمتنا، وهذه الشدة كانت بمصطفى، لكن في المقابل رحماء. بدر الدين كان حنوناً عطوفاً وهذا ليس تناقضاً، لأنّ الشدّة الإيمانية تستطيع ان تجتمع مع الرحمة الإيمانية. مصطفى بدر الدين أنت أمام ذو الفقار حقيقي ولا مكان للضعف ولا للتراجع ولا للخوف".

وأفاد نصرالله بأنّ "في الجانب العملي، مصطفى تحمّل مسؤوليّات أساسية في المجال الجهادي في "حزب الله"، وتحمّل مسؤوليّات مهمّة، فبعد العام 2000 وحتّى استشهاده تحمّل مسؤوليّات كبيرة وخصوصاً بعد استشهاد ​عماد مغنية​، وتحمّل مسؤوليّة ملفات حسّاسة جدّاً، أو جبهات حسّاسة جدّاً، أوّلها الجبهة الأمامية في المعركة مع العدو الإسرائيلي والبعد الأمني دخل بمواجهة حقيقية، ودعم ​الفصائل الفلسطينية​ لتستطيع ان تواجه". وأشار إلى أنّ "في ساحة ​العراق​، كان لإخواننا شرف المساهمة الحقيقية في تشكيل الفصائل العراقية المواجهة للأميركيين في العراق"، مؤكّداً أنّ " في كلّ هذه الساحات الّتي تحمّل فيها مصطفى بدر الدين مسؤليّاته، خرج فيها ومنها منتصراً وشامخاً. نحن لا نقول للإنتصار صاحب واحد، بل نقول المجموعة والجماعة كلّها وجهدها الجماعي"،، مبيّناً أنّ "كذلك في الإستحاقاق الإنتخابي الّذي حصل، لا يمكن أن نقول إنّنا نجحنا في ​الانتخابات النيابية 2018​ بجهود شخص، بل بجهود جماعية".

وركّز على أنّ "بدر الدين بقيادته للمواجهة مع الشبكات الأمنية الإسرائيلية، خرج منتصرا شامخاً، وفي ملف تحرير الأسرى والمعتقلين والمواجهة الأمنية مع الشبكات الإرهابية التكفيرية، هو عمل على تفكيك الشبكات الّتي ترسل السيارات المفخّخة. كما ساهم في الإنتصار العراقي الّذي أدّى إلى خروج الأميركيين من العراق، وصولاً إلى الجبهة الّتي أعطاها في السنوات الأخيرة كلّ عمره وحياته، وهي جبهة سوريا"، مبيّناً أنّ "اليوم يكتشف للعالم بأسره حقيقة ما حلّ في سوريا منذ 7 سنوات وإلى حين كانوا يريدون أخذ سوريا. كان المطلوب كلّه أن تصبح كإدلب اليوم، شريعة غاب وسفك دماء ودمار وهجرة وتشتيت، وهذا ما كنّا نحكي عنه".

وأوضح نصرالله أنّ "مصطفى بدر الدين كان مقتنعاً بقوّة بصوابية هذه المعركة وليس ببساطة، هذا الحضور الكبير له ولأمثاله أحد الأسباب الحقيقية لها هو هذا اليقين والبصيرة لنتائج هذه المعركة، واليوم الناتج هو نفسه الانتصار"، مشدّداً على أنّ "اليوم ​الجيش السوري​ يقود آخر معاركه في القدم والحجر الأسود، وهو يقترب من تطهير كامل دمشق و​ريف دمشق​ من كلّ هذه الجماعات الّتي كلّفت ملايين الدولارات، ونستعيد ذكرى شهدائنا القادة، كالشهيد مصطفى بدر الين الّذي كان يقول إنّه لن يعود إلّا شهيداً أو حاملاً لواء النصر. أنا أقول لقد عدت شهيداً وحاملا لواء النصر معاً، وما كنت تحلم به اليوم يتحقّق وأبناؤك لهم مساهمتهم فيها"، مركّزاً على أنّ "الإنتصار الحقيق صنعه بالدرجة الأولى الجيش السوري والحلفاء كان لديهم شرف المساهمة في صنع هذا الإنتصار".

ورأى أنّ "ما تقوم به ​الإدارة الأميركية​ في منطقتنا أوّله الآن افتتاح ​السفارة الأميركية​ في ​القدس​، وما يفيدنا كشعب ​لبنان​ وفلسطين أن نأخذ العبرة ونعرف في مسيرتنا الإدارة الأميركية كيف تتصرّف"، لافتاً إلى أنّ "اليوم الغدارة الأميركية تثبت من جديد أنّ ما يعني ​الولايات المتحدة الأميركية​ في العالم مصالحها ومصالح إسرائيل. وبالنسبة إلى الحكومات الأميركية المتعاقبة، فالقيم الإنسانية لا مكان لها واليوم الفلسطينيون يتظاهرون في غزة والضفة وقد سقط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى وهذا لا يؤثّر، و"الفيتو" الأميركي جاهز لأي إدانة في ​مجلس الأمن​"، مؤكّداً أنّ "أعظم قوّة في العالم لا تحترم القوانين الدولية والقرارات الدولية والمجتمع الدولي الّذي يطالبونا به، وهي عندما تريد تقوم باتفاق وعندما تريد تنسحب منه، لذلك لا عهد لهم ولا يمكن لأحد أن يثق بإلتزامات وتعهدات الأميركيين".

وبيّن نصرالله أنّ "اليوم يضحكون على الرئيس الكوري الشمالي ​كيم جونغ أون​، ويقولون له إنّه لنسمح للشركات الأميركية بالدخول يجب أن تدمّر السلاح النووي، ومن هنا يبدأ مشوار الإبتزاز. هذه القيادة لا يمكن الوثوق بوعودها والتجربة أمامنا شاهدة ونرى بعيوننا ذلك، والإدارة الأميركية لا تحترم حلفاءها ولا مصالحهم، واليوم أميركا لم تسأل عن مصالح ​أوروبا​ الإقتصادية في الإتفاق النووي، فكيف ستسأل عن مصالح الأدوات والأتباع؟"، منوّهاً إلى أنّ "عندما أعلن الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قال المفاوض الفلسطيني إنّه لا يريد تفاوضاً فيه وسيط أميركي، وطالب بـ5 زائد واحد، وأنا أقول له "تخبز بالأفراح" كما فعل الأميركي بالإتفاق النووي سيفعل معه، وأي أحد يراهن أنّ هناك حلّاً سيكون الأميركي موجوداً فيه، لن يصل إلى نتيجة وهذا لن يوصل إلى طريق".

وأشار إلى أنّ "المواجهة الأخيرة في سوريا الّتي حصلت مع إسرائيل في ​الجولان​، قبلها بأيام حصلت مواجهة على درجة عالية من الأهمية في سوريا، وما جرى كان بالغ الأهمية والدلالات في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، وأخذ الموضوع حجماً معيّناً وشهدنا مسعى إسرائيليّاً لقلب الحقائق والإعلام العربي الّذي حاول تغيير الحقائق بالخداع وتحويل الإنتصار إلى فشل"، كاشفاً أنّ "في المواجهة هذه، تبرّع الإعلام الخليجي ليقول إنّ 23 سوريّاً و​إيران​يّاً قتلوا ونصفهم إيرانيون، وبعض التلفزيونات اللبنانية واكبوهم وهذا غير صحيح. نتيجة المواجهة 3 شهداء من الجيش السوري فقط". ونوّه إلى أنّه "إذا أضفنا هذا المشهد لإسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية منذ 3 أشهر، في تلك الليلة من تاريخ وقف إطلاق النار تتعرّض مواقع الإحتلال في الجولان المحتل، فللمرّة الأولى تتعرّض مواقع ​الجيش الإسرائيلي​ إلى قصف بهذا الحجم كمّاً ونوعاً"، موضحاً أنّ "ما حصل بالضبط، أنّه تمّ إطلاق 55 صاروخاً وبعضها من الحجم الكبير واستهدفت عدداً من المواقع العسكرية ودوّت انفجارات ضخمة، ما أجبر جميع سكان المستعمرات في الجولان إلى التوجه إلى الملاجئ".

وأكّد نصرالله أنّ "العدو تكتّم عن خسائره إذا عنده خسائر وعن مواقع سقوط الصواريخ وحاول تقليل أهمية الموضوع وقام بردّة فعل تصدّت لها الدفاعات الجوية السورية ببسالة وبطولة، كما حصل في ليلة العدوان الثلاثي على سوريا، والصواريخ وصلت الى طبريا وصفد ما اضطر لإستخدام الباترويت لإسقاطها"، مفيداً بأنّ "الرسالة الّتي وصلت إلى العدو كانت مدويّة ونحن نتابع الإعلام الإسرائيلي. الرسالة هي انه إذا كنت تظنّ أنّه يمكنك الإستمرار كذلك وأن تقتل وتقصف كما تريد فأنت مشتبه والعالم سيردّ في الوقت المناسب والمكان المناسب وبالطريقة المناسبة. أنت لا تستطيع أن تستمرّ كعدو في استباحة سوريا والإعتداء عليها ومن فيها، دون أن تواجه ردّاً أو عقاباً، وهذه مرحلة جديدة أسّس لها الهجوم الصاروخي النوعي".

ولفت إلى أنّ "الإسرائيليين قالوا إن ليس من مصلحتهم أن يقوموا يحرب. وبعد إسقاط الطائرة، حركة السلاح الجوي الإسرائيلي أصبح لديها تدابير جديدة، والاصبع على الزناد لم يعد موجوداً، بالدلالات انّ هذا الردّ الصاروخي حصل على الرغم من التهويل الإسرائيلي وقالوا إنهم سيردّون على أيّ ردّ، وكانوا يعرفون ذلك، ولم يتجرؤوا أن يمدّوا أيديهم إلى الخطوط الحمراء"، كاشفاً أنّه "تمّ إبلاغ حكومة العدو أنّ الردّ الإسرائيلي على سوريا إذا تجاوز الخطوط الحمراء، فسيكون القصف في قلب فلسطين المحتلة". وشدّد على أنّ "بالرغم من الجهد المعلوماتي الإسرائيلي لمنع إطلاق الصواريخ، إلّا أنّه تمّ إطلاق الصواريخ، كانوا في قمة الإستنفار ولم يمنعوا الصواريخ من الوصول. على الجميع أن يعرف أنّ من أهمّ دلالات هذه الحادثة أنّ الجبهة الداخلية غير جاهزة للحرب، وحاجة الإسرائيلي للتغطية على حجم ما حصل بالإكاذيب"، مبيّناً أنّ "وزير الدفاع الإسرائيلي ​أفيغدور ليبرمان​ برد قال "إنّنا قضينا ودمّرنا كلّ القواعد الإيرانية في سوريا"، ولكن هذا لم يحصل قط".

وجزم نصرالله أنّ "الموقف الخليجي المخزي المعيب، عندما طلع وزير خارجية ​البحرين​ وقال إنّ "من حقّ إسرائيل أن تدافع عن نفسها". لا نعرف توصيف هذا الأمر، وأنا أسميه قبح ولا أبشع من هكذا موقف عربي، أيها الخائن تعترف أنّ الجولان أيضاً أصبحت لإسرائيل؟"، مركّزاً على أنّ "وزير الخارجية هذا لا يمثّل شعب البحرين، وهذا الموقف يدلّ على تزلّف وحماقة وقبح أمام الإسرائيليين. نحن أمام مرحلة جديدة في سوريا، ومحور المقاومة كلّه أمام مرحلة جديدة، وإسقاط الهيبة الإسرائيلية وأولها بإسقاط الطائرة الإسرائيلية"، مشيراً إلى أنّ "اليوم الرسالة الّتي تقدّمت أنّ سوريا وحلفاءها لن يسمحوا أن تبقى سوريا مستباحة ومستعدّون للذهاب إلى أيعد مدى؛ مسؤوليّتنا جميعاً أن نعمل على تثبيت هذه المعادلة الجديدة في الصراع".

ورأى أنّ "ما استمرّ 70 عاماً هو وصمة عار على جبين البشرية في كلّ العالم، وما يجري اليوم في غزة هو استمرار لما حصل قبل 70 عاماً. الفلسطينيون لم يتخلُّ عن قضيّتهم وقد اختلفوا في بعض الجهات لكن لن يقبلوا بتصفية ​القضية الفلسطينية​"، مشدّداً على أنّ "اليوم نحن أمام تحد خطر لم يُسمّى بـ"صفقة القرن"، وترامب سيعلن في الأسابيع المقلبة رسميّاً هذه الصفقة. القصة ليست قصة إعلان حل سيعلنه إن قبلتم به أو لا وإذا رفضتم سيعاقبكم عليه، وبدأ الموضوع بالإعتراف بالقدس، وفي هذا المشروع لا قدس لا شرقية ولا غربية بل القدس عاصمة دائمة لإسرائيل، ولا عودة للاجئين الفلسطينيين إمّا توطينهم أو ترحيلهم الى أماكن أخرى، الدولة الفلسطينية هي غزة، اما التواجد الفلسطيني في ​الضفة الغربية​ يُقام له صيغة معينة. صلح شامل وإقامة علاقات عربية مع إسرائيل"،

ونوّه إلى أنّ "الآن الضغط على إيران في القمة، وهناك عمل على الموضوع الإقتصادي وإسقاط العملة الإيرانية لإيجاد حالات احتجاج شعبي وأخذ إيران إلى أماكن أخرى"، مؤكّداً أنّ "إيران تدعم كلّ من يؤمن بخيار المقاومة في فلسطين، والأميركي يريد أن تبقى سوريا مستنزفة والضغط على حركات المقاومة في المنطقة، وهم يهدّدون لأنّهم يريدون إقامة حرب مع لبنان ويهوّلون علينا، ويقومون بالضغط لتشديد الحصار على الفلسطينيين في غزة حتّى تجويعهم"، منبيّنأً أنّ "غزة ستقترب إلى الوضع الّذي يعانيه الشعب اليمني، فإمّا أن نأخذ غزة للإخضاع من خلال التجويع أو نأخذها إلى الإنفجار الداخلي، وحسناً ما فعلت حركات المقاومة في غزة"، مؤكّداً أنّ "المطلوب من الفلسطيني اليوم أن يحاصروه ويضغطوه ليأخذوا توقيعه. وأسوأ ما تفعله بعض ​دول الخليج​ هو التغطية الدينية والشرعية لإسرائيل، وإذا دخات ​السعودية​ إلى هذا الخط فهنا المصيبة".

وكشف نصرالله أنّ "هناك أشخاص مشغولون بعدّ الأصوات وبعدّ الكتل وهذا ليس عملنا، وأعتقد من هنا إلى جلسة انتخاب رئيس جديد، الكتل ستأخذ حجمها الطبيعي، وأعتقد أيضاً أنّ الإنتخاب محسوم لصالح رئيس مجلس النواب نبيه بري. نذهب بعدها إلى الإستشارات الحكومية وتتشكّل حكومة"، مركّزاص على أنّ "موقفنا واضح وليدنا معطيات أنّ بعض الدول الإقليمية تقول بعدم الإستعجال بتشكيل حكومة وأخذ البلد الى مأزق؛ لكن الإصغاء إلى هذا الكلام لا يخدم المصلحة الوطنية"، مؤكّداً أنّ "المصلحة أن نتعاون جميعاً لتشكيل حكومة بدون أي تأخير. جو البلد جو تعاون وتوافقي وجو تفاهم ولا أحد يأخذ البلد إلى صراعات لأنّنا نرى المنطقة حولنا"، مشدّداً على أنّ "المطلوب روح التعاون والوعي والنظرة إلى الوضع الداخلي".