منذ أيام أوحى وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، عن قصد، أو عن غير قصد، بأنه يملك زمام مبادرة تأليف الحكومة وتحديد الأحجام فيها، من خلال إعلانه عن عدم الموافقة على منح "القوات" حقيبة الطاقة والمياه. لم يكن هذا الكلام هو الأول من نوعه. سبق وأن دار نقاش حول أحجام القوى، والسعي لإبعاد "​القوات اللبنانية​" عن المشاركة الحكومية. لكن رئيسها ​سمير جعجع​ يريد أن يفرض حجمه التمثيلي في الجسم الحكومي، ما يعني أن ثمة تباين "قواتي"-برتقالي مرتقب بشأن التشكيلة والأدوار الحكومية، سيسعى رئيس الحكومة الذي سيكلّف، وسيكون ​سعد الحريري​، لتقريب وجهات النظر بين الفريقين المسيحيين. لا يمكن للشيخ سعد إبعاد "القوات"، بسبب الدعم الذي يحظى به تكتل "الجمهورية القوية" من ​السعودية​ والغرب. بينما، سيصرّ تكتل "لبنان القوي" على الاستحصال على حقائب وزارية أساسية، والتمسك بوزارتي الخارجية والطاقة. هنا تبرز عُقد الحقائب السيادية. يريد "الحكيم" حقيبة الطاقة" لتقديم نموذج ناجح في ادارتها". يستند جعجع الى تجارب وزرائه الحاليين. في حال عدم تخلي تكتل "لبنان القوي" عنها، سيطالب "الحكيم" بحصص بديلة وازنة على قدر الحجم النيابي لتكتل "الجمهورية القوية". سيبرز السباق بين "الأقوياء". قد يجمّد هذا السباق التشكيلة الى حين ايجاد مخرج للأزمة العالقة. خصوصاً أن مطالب أخرى ستُطرح على طاولة الرئيس الذي سيتم تكليفه:

أولاً، تأسيس تكتل وازن يسعى لشد أوزاره رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ما يعني أن هذا التكتل سيُطالب بحقائب اساسية، من بينها التربية والتعليم العالي أو الأشغال العامة أو الصحة.

ثانيا"، وجود كتلة سنيّة خارج اطار تيار "المستقبل" ستُطالب بتمثيل حكومي على قدر حجمها.

ثالثا"، الأبرز، أن عدداً من المرشحين الراسبين أو المحيّدين موعودون بتعويضهم بوزارات. ما يشكّل ضغطاً على الحكومة الجديدة.

رابعاً، يطمح نواب بالمفرق الى حجز امكنتهم في الحكومة. وهم بالكاد يمثّلون أنفسهم.

امام شد حبال التأليف، ستسهل باقي البنود، في ظل حديث عن عدم وجود مشكلة بكتابة البيان الوزاري، وما سيحتويه.

لكن، رغم ذلك، هل هناك نية وإرادة لتأليف الحكومة سريعا"؟

بعد اعلان نتائج ​الانتخابات النيابية​، دار نقاش في صفوف قدامى قوى "14 آذار"، حول امكانية عدم تسهيل العرب والغرب تأليف حكومة تخضع لتوازنات سياسية جديدة تناسب "حزب الله"، بالدرجة الأولى. طرحوا فكرة ترشيح النائب السابق فؤاد السنيورة، "كصقر لمواجهة حزب الله". أو عدم القبول بتمثيل الحزب. بالطبع، يلقى هذا الكلام صدى في الدول الخليجية، لكن الدول الغربية ترفض اهتزاز الساحة اللبنانية. لذلك، فإن التوجه الغربي يكمن في دعم تأليف حكومة سريعاً، من دون الدخول في لعبة الاسماء. علماً ان التوازنات الداخلية المقبلة، قد تُعطي النائب نجيب ميقاتي دفعاً لطرح اسمه رئيساً للحكومة. ميقاتي أيضاً، يطرح نفسه بجدية. لكن رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري يتعامل مع الكل، على انه هو الذي سيجري تكليفه لتأليف الحكومة.

امام تلك العقبات، ستتواصل اللقاءات، بدفع داخلي وخارجي، للإسراع بتشكيل الحكومة وتسمية وجوه جديدة تُعطي الثقة للناس، وتُترجم قدرة العهد على استيلاد حكومات بسرعة من دون مدٍ وجزر.