طويت صفحة ​الإنتخابات النيابية​ ونتائجها، وبعد مرور أسبوع ونيف من التراشق السياسي، طويت أيضاً صفحة السجالات لا سيما تلك التي اندلعت على خلفية أحجام الكتل النيابية ومن فاز ومن خسر، وأصبحت الأنظار متجهة نحو إستحقاقات المرحلة المقبلة. وإذا حسمت زيارة رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ الى ​القصر الجمهوري​ إستحقاق إنتخاب رئيس ونائب رئيس مجلس النواب مع أعضاء هيئة مكتب المجلس قبل موعد الجلسة المحدد منتصف الأسبوع المقبل، فعملية الإتفاق على تشكيل الحكومة وتوزيع حقائبها لم تنجز بعد، لكن الأجواء الإيجابية التي تخيّم على إنتخابات رئاسة مجلس النواب اليوم بفعل الإتصالات واللقاءات التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، هي نفسها التي من المرجح أن تنسحب على إستحقاقي تكليف رئيس الحكومة في الإستشارات النيابية الملزمة وتشكيل الحكومة بحدّ ذاته، لماذا؟.

الجواب بحسب مصدر بارز على تواصل دائم مع القصر الجمهوري، "لأن مرحلة التراشق الإعلامي إنتهت الى غير رجعة، ولأن الرئيس وفريقه السياسي يصرّان على أن المرحلة المقبلة يجب أن تحكم بالتفاهم لإعادة قراءة ما حصل، ولأن العمل الحكومي والمؤسساتي لا يمكن أن يستمر على هذا الشكل".

المصدر المقرب من القصر الجمهوري، يكشف عن نية جامعة لدى الأفرقاء بأن تكون الحكومة المقبلة على شكل الحكومة الحالية أي مؤلفة من ثلاثين وزيراً، ويكشف أيضاً أن "ما من فريق يعمل في الكواليس على عزل فريق آخر"، ويضيف مفسّراً، "لا ​التيار الوطني الحر​ ولا تكتل "لبنان القوي" ولا رئيس الجمهورية ولا وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​، يريدون عزل ​القوات اللبنانية​ وإخراجها من الحكومة، وكل ما يحكى ويكتب عن هذا الأمر لا أساس له من الصحة". وعن هذه الإيجابية، هناك من يقول في تكتل "لبنان القوي" إن رئيس الجمهورية ومنذ إنتخابه، يراهن على هذه الحكومة لإنطلاقة عهده وقد رددها أكثر من مرة بأن عهده يبدأ فعلياً مع الحكومة التي تأتي بعد الإنتخابات النيابية، لذلك يتكل على إنتاجيتها لتحقيق الإنجازات، وهذه الإنتاجية لا يمكن أن تتحقق إذا لم تتأمن لها الأجواء السياسية الجامعة البعيدة كل البعد عن منطق العرقلات ووضع العصي في دواليب المشاريع، وتعطيل تشكيل الحكومة بشروط مستعصية وتأخير عملية التأليف بهدف شلّ المؤسسات.

ولأن طرح فصل النيابة عن الوزارة هو من الأمور الخلافية التي لا تحظى بإجماع كل الأفرقاء السياسيين، لن يطرحها رئيس الجمهورية خلال المفاوضات وقد يترك تكتل "لبنان القوي" تطبيقها الى مرحلة لاحقة ما دام تطبيقها، وفي حال حصوله، لن يكون شاملاً.

إذاً التفاهم والإيجابية في التعاطي إضافة الى طي صفحة التراشق السياسي، عبارات يسعى رئيس الجمهورية بأن تكون عناوين المرحلة المقبلة لإنجاح العهد، من يتجاوب مع هذه العناوين سيكون حكماً في صلب القرار، ومن لا يتجاوب يكون قد أخرج نفسه بنفسه، لأن كل شيء مقبول رئاسياً إلا تعطيل تشكيل الحكومة وتأخير إعلانها لأشهر وأشهر كما كان يحصل سابقاً.