حدّت الانتخابات النيابية التي شهدها ​لبنان​ في السادس من أيار والنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع من "ظاهرة" اللواء ​أشرف ريفي​ التي توسعت كثيرا في الآونة الأخيرة، وبخاصة نتيجة الأزمات المتعددة التي اضطر تيار "المستقبل" للتعامل معها وكان آخرها أزمة رئيسه ​سعد الحريري​ في المملكة العربية السعودية في شهر تشرين الثاني الماضي.

وبدا في وقت من الأوقات أن ريفي يشكل حقيقة "مشروع زعيم سني" او أقله زعيم على مستوى مدينة طرابلس. لكن نتائج الانتخابات جاءت لتدحض هذا الجو، وان كان المدير العام السابق ل​قوى الأمن الداخلي​ يصرّ على ان الحكومة "زوّرت النتائج" ويتحضّر لتقديم طعون للمجلس الدستوري مقرونة بما يقول انها "اثباتات" لـ"الشوائب والمخالفات الجسيمة جدا التي حصلت في هذه الإنتخابات".

وتُظهر نتائج الانتخابات المنشورة على موقع ​وزارة الداخلية​ ان ريفي لم يحصل الا على 5931 صوتا في مدينته طرابلس مقابل 21300 صوت لرئيس الحكومة السابق النائب ​نجيب ميقاتي​، و9527 للنائب عن تيار "المستقبل" ​سمير الجسر​ و9600 صوت للنائب في الكتلة نفسها محمد كبارة. ولم تحصل اللائحة التي كان يرأسها ريفي وتحمل اسم "لبنان السيادي" الا على 9656 صوتا ما أبقاها بعيدة عن الحاصل الانتخابي الذي بلغ في دائرة الشمال الثانية والتي تضم مدينة طرابلس والمنية والضنية 13310 أصوات.

ولم يكن ريفي يعوّل فقط على الفوز بمقعد نيابي بل على انشاء كتلة نيابية اختار اسمها بوقت سابق وتوقع ان تضم ما بين 3 و4 نواب. الا ان خسارته جاءت "فادحة"، بحسب مصادر سياسية، "ما يؤكد ان كل سياسته الّتي بُنِيَت للمرحلة المقبلة كانت خاطئة"، لافتة الى ان نتائج الانتخابات قد تكون شكلت "ضربة قاضية لمستقبل ريفي السياسي، رغم كل محاولته تصوير ما حصل على انها "حرب كونية" ضده". وتضيف المصادر: "ظنّ اللواء ريفي أنه وبفوز مقربين منه ومحسوبين عليه بالعدد الاكبر من أعضاء المجلس البلدي في طرابلس، أصبح الرقم الأصعب في المدينة، فتمادى بسياسته بمهاجمة كل رموز المدينة، فاذا بالأمور تنقلب عليه، فيحقق كل أخصامه السياسيين وبالتحديد على الساحة السنية أرقاما تفوق بكثير أرقامه".

وتعتبر المصادر أنه لو عمد ريفي لتحسين علاقته بفرقاء طرابلسيين آخرين وعمل على نسج علاقات جيدة معهم مهدت لتحالفات انتخابية، لكان وضعه اختلف، لكن اصراره على تظهير نفسه كـ"القوة التي لا تُقهر"، معولا على "مزاج شعبي معين"، أدى لخسارة شاملة غير محسوبة.

ولطالما كان ريفي احدى أبرز الشخصيات الأمنية المقربة من تيار "المستقبل"، طوال توليه منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي، كما سماه رئيس الحكومة سعد الحريري وزيرا للعدل في الحكومة السابقة، قبل أن يختلف الرجلان لأسباب متعددة وأبرزها ما يعتبر ريفي انها "تنازلات ومساومات غير مقبولة" يقوم بها الحريري وأبرزها السير بالتسوية التي أدت لانتخاب العماد ​ميشال عون​ رئيسا للجمهورية.

وشكّل الخلاف الذي نشب بين ريفي والنائب ​خالد الضاهر​ بعدما كان الرجلان يستعدان لخوض المعركة يدا بيد في دائرة عكار او ما يُعرف بدائرة "الشمال الأولى"، ضربة قاضية له في المنطقة التي كان يعول ان يحقق فيها خرقا واحدا على الأقل. فقرار الضاهر الانسحاب من المعركة لصالح تيار "المستقبل" لاعتباره انّه "أمام المصالح الكبرى تسقط كل المقاعد"، أدى لحصر المعركة في عكار بين لائحتي "المستقبل" و"​التيار الوطني الحر​". وحصدت لائحة "المستقبل لعكار" 76452 صوتا، مقابل 34430 صوتا لـ"عكار القوية"، أما لائحة "عكار السيادة" المدعومة من ريفي فلم تحصل الا على 4713 صوتا.

ويعتبر خبراء انتخابيون ان "نتائج الانتخابات أثبتت أن ريفي لا يشكل حالة سنيّة في اي من المناطق، حتى في مسقط رأسه طرابلس، باعتبار ان الصوت التفضيلي كان كفيلا باظهار حجم كل شخصية سنية، وأن يأتي الفارق بينه وبين ميقاتي أكثر من 15 الف صوت، فلذلك رمزية كبيرة".

وحتى في ​بيروت​ الثانية، حيث كان يعي ريفي انه ليس قادرا على تحقيق أي خرق لكنه دعم لائحة "المعارضة البيروتية" لاثبات وجوده، تلقى ضربة موجعة، بحيث لم تحصّل اللائحة الا 553 صوتا مقابل 52870 صوتا للائحة تيار "المستقبل" و47087 للائحة وحدة بيروت.

كذلك أدى التخبط الذي عاشه ريفي في ​البقاع الغربي​، بحيث دعم في مرحلة أولى لائحة ​المجتمع المدني​، قبل ان يعود ليدعو "أنصاره" للتصويت لصالح النائب ​وائل أبو فاعور​، الى ضرب أي وجود له في المنطقة.

بالمحصلة، هي أزمة "وجودية" يعيشها ريفي حاليا متمسكا بحبل "الطعون" لانتشاله مما هو فيه.