قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم ​الصيام​ كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"،

أي: فرض الله عليكم ​الصوم​ كما فرضه على الأمم من قبلكم ليعدكم به ويؤهلكم به للوصول الى درجة "تقوى الله"، وهي تعني الخوف من الله الذي يمنع ​الانسان​ من الوقوع في معاصيه.

ولكن كيف يكون الصوم وسيلة للتقوى؟.

اعلموا أن أكثر ما يبعد الانسان عن ربه سبحانه هو انجراره وراء إشباع شهوات نفسه، فاذا استطاع الانسان أن يكبح جماح نفسه فقد صار تقيا، قال تعالى "قد أفلح من زكاها"، والصوم هو أعظم وسيلة لكبح جماح النفس.

فأصل الشهوات هي شهوة البطن، لأن الانسان اذا أشبع بطنه مالت نفسه الى إشباع شهوة فرجه باتيان النساء، واذا ذاق الانسان طعم هاتين الشهوتين تعلق بهما، وصار همه أن يحافظ على دوامهما واستمرارهما، ولا يكون ذلك الا بالمال، فإذا حصل على المال تطلعت نفسه الى شهوة النفوذ والسلطة ليحمي بها ماله، فاذا حصل على المال والسلطة تعلق بهما وصار همه الاكبر هو المحافظة عليهما ولو على حساب دينه ومروءته وأخلاقه، وهذا الذي يؤدي الى ضعف التقوى وفساد الدين. قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه".

لذلك اذا استطاع الانسان أن يكبح جماح شهوة بطنه فهو قادر على أن يكبح جماح سائر شهواته لأنها هي الأصل. والصوم هو أعظم وسيلة لكبح جماح شهوة البطن، اذ بالصوم يمتنع الانسان عن الطعام في أوقات محددة مهما تاقت نفسه اليه، واذا تدرب الانسان على ضبط نفسه عن شهوة الطعام لفترة شهر كامل، فقد صارت نفسه مؤهلة ومنضبطة، فالانسان الذي يستطيع أن يضبط نفسه عن أصل الشهوات يستطيع أن يضبطها عن سائر الشهوات، والانسان الذي يستطيع أن يضبط نفسه عن الطعام الحلال مهما تاقت نفسه اليه قادر أن يضبط نفسه عن الطعام الحرام وعن الفرج الحرام وعن المال الحرام وعن الجاه الحرام باذن الله.

هذا وللصوم حكم أخرى وفوائد غير هذه ولعلنا نبينها في ​مقالات​ أخرى بعون الله تعالى.