"شكرا لمن صوّت لي وأعد من لم يصوّت لي بأنه سينتخبني بالمرة المقبلة". هذا ما وعد به رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ النواب عام 2009 بعد انتخابه لولاية خامسة بأكثرية 90 صوتا، واليوم وفى بالوعد بعد فوزه في ولاية سادسة بأكثرية 98 صوتا، و29 ورقة بيضاء وورقة ملغاة حملت إسما سينمائيا لا يمت للنيابة بصلة.

ظن الصحافيون المجتمعون في قاعة المجلس النيابي أن سفير إحدى الدول الخليجية سيشارك النواب مقاعدهم، ليتبين أن عضو كتلة المستقبل النائب محمد سليمان أراد أن تكون انطلاقته النيابية مميزة فحضر مرتديا "العباءة العربية" و"العقال". أمام سليمان كان النائب زياد حوّاط يبحث عن "الكادر" الأجمل لالتقاط "سيلفي" النيابة الاولى مع عضو كتلة القوات عماد واكيم. بعد محاولتين فاشلتين نجحت الصورة، ولكن وائل أبو فاعور أراد أن يحمل هاتفه "الصورة الاولى الجامعة"، فاستعان بمصور المجلس النيابي ليلتقط صورة للقاء الديمقراطي الحاضر بكامل أعضائه، على رأسهم نجل النائب السابق ​وليد جنبلاط​، النائب تيمور جنبلاط.

جالت النائب ​بولا يعقوبيان​ في أرجاء المكان، مستكشفة، ربما لم يلفت نظرها أن نواب الكتائب قد بدّلوا أماكن جلوسهم فأصبحوا خلف نواب القوّات مباشرة، ربما أرادوا الابتعاد عن عبد الرحيم مراد والنائب الذي جعله ​تيار المستقبل​ مساويا لـ127 نائبا، النائب اللواء جميل السيد، الذي بدأ عمله النيابي بابتسامة، لن تغيّر من قساوة النظرات المتبادلة بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​.

وصل الحريري بعد مهمة صباحية كّلف بها، أحضر رئيس السن النائب ميشال المر من منزله بالرابية، ودخلا الى جانب بري القاعة. كانت الوزيرة في حكومة تصريف الأعمال عناية عز الدين قد أُبلغت بأن بري سيكون على المقعد المجاور لمقعدها، ولكن الأخير توسّط القاعة والنائبين نجيب ميقاتي وجان عبيد سوية. وبدأت إجراءات انتخاب رئيس للمجلس النيابي.

128 نائبا قاموا بواجبهم الانتخابي فأسفرت النتيجة عن فوز نبيه بري برئاسة المجلس النيابي بأغلبية 98 صوتا. اعترضت بولا يعقوبيان لأن اسم نادين لبكي لم يُتْلَ، أيّدها بري بذلك واعتبر الورقة ملغاة لأن "ما عنا لَبَكِي بالنيابة، عنا لَبْكِي غير شكل"، وتلى انتخاب بري انتخاب الفرزلي نائبا لرئيس المجلس النيابي وحاز على 80 صوتاً مقابل 32 لأنيس نصار، و4 أصوات نالها نقولا نحاس من نواب كتلة "العزم" التي فضلت حسبما علمت "النشرة" أن تبقى على الحياد في معركة نيابة الرئيس، بالاضافة الى صوت لبولا يعقوبيان، واخر لشارل مالك وآخر من يعقوبيان الى نادين لبكي مجددا.

لم يُكمل وزير الداخلية نهاد المشنوق الجلسة. غادر فور طلب التصويت على نيابة المجلس، بدا الرجل منزعجا، ولعلّ بحسب مصادر أن موقف الليل لم يبدّله النهار، مشيرة الى أن علاقة الحريري والمشنوق تمر بأسوأ مرحلة على الإطلاق، وخروجه من الجلسة يأتي في هذا السياق، الى جانب موقفه المعادي لإيلي الفرزلي بسبب الاحداث التي رافقت "نفي" المشنوق الى خارج لبنان.

كذلك لم يتغيّر قرار كتلة القوات اللبنانية (ما عدا قيصر المعلوف) بعد الخلوة التي عقدوها قبل بدء الجلسة بدقائق، ظلّت الورقة البيضاء مرشحهم لرئاسة المجلس، ولكن هذا لا يعني بحسب مصادر قواتيّة ان علاقة القوات مع برّي سيئة، بل على العكس تماما فنحن وهو "كل الحب كل الغرام". وتضيف المصادر عبر "النشرة": "موقفنا سياسي بامتياز والورقة البيضاء ليست ضد برّي شخصيا ونحن أبلغناه موقفنا سابقا وهو أبدى تفهمه الكامل لهذا التوجّه". ولكن لم تكن الأوراق الـ14 للقوات بيضاء، اذ علمت "النشرة" ان النائب جان طالوزيان قد وضع إسما "غريبا" على ورقته ولكن لم يُتْلَ الإسم أيضا، الأمر الذي أثار حفيظة يعقوبيان التي حاولت اثارة الامر، ولكن تدخّل النائب جورج عدوان حال دون ذلك.

حصل بري على أصوات ما يزيد عن نصف عدد نواب تكتل "لبنان القوي"،اذ أن الأوراق البيضاء والملغاة بلغت 30 ورقة، 14 للقوات و3 للكتائب اللبنانية وصوت ليعقوبيان، ما يعني أن عدد النواب الذين لم يصوتوا لبري من تكتل لبنان القوي هو 12 نائبا من أصل 29. في هذا السياق تكشف مصادر مطلعة ان هذه النتيجة جاءت بتوصية مباشرة من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اتفق مع برّي خلال الغداء الاخير على فتح صفحة جديدة. وتضيف عبر "النشرة": "كانت التوقعات ان يصوت نواب التيار الوطني الحر بورقة بيضاء ويصوت حلفاء التكتّل لبري الا أن عددا من نواب التيار طلبوا التصويت لبري نظرا للعلاقات الجيدة التي تربطهم به، بالاضافة الى أن مصلحة الجميع تتطلب التعاطي الإيجابي لا السلبي".

انتهى الاستحقاق الاوّل لتنطلق غدا مرحلة الاستشارات النيابية التي ستفضي لتسمية سعد الحريري رئيسا مكلفا للحكومة.