انتهت ​الانتخابات النيابية​ في ​لبنان​ في السادس من ايار الفائت بعد ان سبقتها انتخابات المغتربين، وتم اعلان النتائج في اليوم التالي. ولكن، ما ان اسدل الستار على العملية الانتخابية، حتى ظهرت حملة شرسة على المعنيين بها في ​وزارة الداخلية​ شملت كل الدوائر والاقسام وغرفة العمليات المركزية، في وقت كانت الاشادات تتصاعد من قبل دول العالم بما حققه لبنان.

مصادر معنيّة بالاتهامات التي تم توجيهها، آثرت الرد والكشف عن حقيقة الحملة، وشددت على انها سياسية فقط، ولكن وجهتها انتقلت للنيل من الرموز السياسية وفي مقدمها وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ الى التشكيك في سير العملية الانتخابية برمّتها، وهو امر فيه من الظلم ما يكفي لدفع كل من طاله الاتهام للرد. وتشير المصادر نفسها الى ان الامور بدأت منذ اقرار قانون الانتخاب الذي وافق عليه الجميع في السلطتين التنفيذية والتشريعية وكان خشبة الخلاص من قانون الستين الذي سئم منه اللبنانيون، ولكن سرعان ما بدأت الانتقادات اللاذعة له، واشاعة اجواء عن استحالة الموافقة عليه، وذهب البعض الى التهليل لاجراء الانتخابات وفق قانون الستين. وبقيت اجواء التشاؤم والحملات السياسية سائدة، وتم التشكيك بإجراء الانتخابات في موعدها حيث كان كلام عن تأجيلها وربما الغائها، وبعد تخطي تلك العقبة خارج الاراضي اللبنانية وفي داخلها، بدأت الحملة الاعنف والتي طالت سير العملية الانتخابية.

وتضيف المصادر انه فيما كانت الحملة مقبولة من الناحية السياسية لانها تدخل ضمن نطاق العمل السياسي، لم يكن مقبولاً تحويل فشلها من السياسة الى استهداف نزاهتها وشفافيتها، لانه في هذا الواقع هناك ظلم حقيقي يطال عدداً هائلاً من المعنيين بسير العملية الانتخابية من ​القوى الامنية​ الى القوى الادارية والتقنية التي بذلت جهداً مضاعفاً يستسهله البعض ولكنه بالفعل عمل جبار. وتقول المصادر انه، وبعد وضع كل الاعتبارات السياسية جانباً، لا بد من توجيه التحية الى الانجازات التي تحققت، فمن كان يصدّق انه بامكان لبنان ان يشرك المغتربين في استحقاق نيابي، ولو كانت نسبتهم اقل من طموحات الجميع، ومن كان يتوقع ان تتم هذه العملية بإشراف آنيّ عبر كاميرات المراقبة التي كانت تنقل ما يحصل بشكل مباشر، اضافة الى المراقبين الدوليين؟ ومن كان يتخيّل انه تم وضع حد "للوائح الملغومة" عبر اعتماد لوائح رسمية تتضمن اسم المرشح وصورته؟ والامر نفسه ينطبق ايضاً على القدرة على انجاز هذا الاستحقاق في يوم واحد واعلان النتائج في اليوم التالي.

واشارت المصادر الى ان ما اسمته بـ"التشكيك المعيب" بسير العملية الانتخابية انتقل من حالة الى اخرى، فتناسى الكثيرون ان القانون جديد على اللبنانيين جميعاً من مسؤولين ورؤساء اقلام ومرشحين وناخبين، وبالتالي من الطبيعي ان يكون هناك هامش من الاخطاء كان من المتوقع حصوله، ولكنه بقي ضمن المعقول والمنطقي، ولم يتجاوز الخيال وفق ما حاول البعض تصويره. وشددت المصادر على انه بالنسبة الى الاوراق البيضاء، فبمقارنة مع انتخابات العام 2009 التي اجريت وفق قانون حفظه اللبنانيون غيباً، بلغ عدد الارقام البيضاء 13.024 ورقة في مقابل 15.029 ورقة في الانتخابات الاخيرة، اي ان الفارق كان 2000 ورقة فقط.

وبالنسبة الى الاوراق الملغاة، بلغت العام 2009 وفق قانون الستين 12.084 ورقة في مقابل 38.909 ورقة ملغاة خلال انتخابات العام الجاري، بفارق 26.825 ورقة. صحيح ان نسبة الاوراق الملغاة، تقول المصادر، كبيرة ولكن يجب الاخذ في الاعتبار ان القانون جديد بالكامل ولم يعتد الناخبون ولا رؤساء الاقلام عليه بعد، علماً ان النسبة لا تزال مقبولة جداً وان الاوراق البيضاء في هذه الانتخابات لها مفعولها في رفع الحاصل الانتخابي. وبما ان عدد المقترعين كان نحو مليوني مواطن، فإن النسبة العامة للاوراق الملغاة والبيضاء (التي توزعت على كامل الاراضي اللبنانية ولم تكن محصورة في منطقة واحدة فقط لتؤثر بشكل رئيسي على النتائج)، لم تتعدّ الـ2.5%، وهو رقم مقبول ومعقول لانتخابات يشهدها لبنان للمرة الاولى في تاريخه، ووفق الظروف التي تم ذكرها.

وتتابع المصادر: مرة جديدة انتقل التشكيك من مكان الى آخر، فكان حديث عن "ضياع" اصوات وعن "تزوير" اخرى وعن "تلاعب"، فيما الواقع ان غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية التي خصصت لمتابعة سير الانتخابات، لم تهدأ وعملت بشكل متواصل لتذليل كافة العقبات، وهي اوضحت اكثر من مرة ان كل ما قيل في موضوع ضياع الاصوات او التلاعب بها، غير صحيح بشهادة مندوبي المرشحين والمراقبين الدوليين والمحافظين، وان الامر مردّه الى اخطاء حصلت من قبل عدد من رؤساء الاقلام او لجان القيد، ولكن رغم ذلك، تبقى هذه الاخطاء غير مؤثرة على النتيجة العامة للانتخابات.

اما عن عمليات التزوير والرشاوى، فترد المصادر المعنية، ان المسألة في عهدة القوى الامنية، ولا يمكن ضبطها الا بعد حصولها وهي عمل جرمي. فأي بلد في العالم يمكنه استباق عملية تزوير او رشوة؟ وحتى الحالات التي تم عرضها عبر وسائل الاعلام، كانت فردية ومحصورة وتمت متابعتها من قبل الاجهزة المختصة.

وختمت المصادر بالقول انه فيما يسمح التعرض سياسياً للانتخابات، فإنه من المعيب فعلاً ان يتم التشكيك بسير هذه العملية و"تضخيم" الامور للحديث عن "فضائح" و"مصائب" شابت سير هذه العملية حتى وصل الامر الى حدود التشكيك بفريق المراقبين الدوليين الذي قدم خصيصاً للمراقبة، فيما اشادت دول كبرى شقيقة واقليمية ودولية بالقدرة التي اظهرها فريق العمل الانتخابي، والجهد الذي بذله من اجل انجاح الانتخابات، فـ"حرام ان تقتل السياسة الانجازات التي تحققت في انتخابات العام 2018".