بمجرد وجود تفاهم ثلاثي بين رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والنائب ​سعد الحريري​ الذي كُلّف وبأكثرية ساحقة (111 صوتا) تشكيل الحكومة، على التسريع بتشكيل الحكومة، يعني أن الولادة الحكومية لن تتأخّر بفعل التعطيل والعراقيل كما كان يحصل في السنوات السابقة. هذا ما تجمع عليه المصادر المتابعة لمشاورات تأليف الحكومة التي إنطلقت في الكواليس منذ إنتهاء المعركة الإنتخابية وإصدار النتائج النهائية، وأيّدت رسمياً مع إنتهاء الإستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس عون والتي، بمجرد تحديد مواعيدها في يوم واحد فقط وبتقريب موعدها الزمني الى اليوم الذي يلي جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب، يمكن أن تؤكد للمشكّكين أن نية التسريع في عملية تأليف الحكومة موجودة، لدى اللاعبين الأساسيين وكل كلام غير ذلك هو بعيد عن واقع الأمور.

وفي هذا السياق، تقول المصادر المتابعة "أولاً، وعلى عكس كل التوقعات، لن تكون هناك مطالب مستعصية لا المالية ولا الطاقة ولا غيرها من الوزارات، وبما أن التوافق السياسي موجود يعني أن التسهيل في التشكيل هو عنوان المرحلة المقبلة، وإذا إضطر الأمر على إبقاء القديم على قدمه في المواقع الأساسية، فسيتم اللجوء الى هذا الخيار بما أن الأفرقاء الذين سيجلسون على الطاولة هم الذين كانوا في حكومة الحريري التي تصرّف الأعمال مع بعض التعديلات، وثانياً لا نية لدى أي فريق بعزل فريق آخر عن الطاولة الحكومية، لا ​القوات اللبنانية​ ولا غيرها وكل فريق سيتمثل بحسب حجمه إلا إذا أراد البعض أن يعزل نفسه بمطالب غير منطقية، فهذا يعود اليه كفريق سياسي لا الى رئيس الحكومة المكلف ولا الى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي".

وكما تتوقع المصادر المتابعة لمشاورات التأليف ألا تتأخر ولادة حكومة سعد الحريري الثالثة، سيكون الإتفاق على البيان الوزاري أكثر من سهل، كل ذلك بسبب التوافق السياسي القائم. وإذا كان البعض يروّج لإحتمال أن يكون هناك فيتو من بعض الأفرقاء وعلى رأسهم الحريري، على مشاركة ​حزب الله​ في الحكومة بسبب العقوبات الأميركية والخليجية الجديدة التي فرضت على قيادته الأسبوع الفائت، فالإفطار الذي أقامه القائم بالأعمال السعودي ​وليد البخاري​ برعاية الحريري، والذي شارك فيه أقطاب ما كان يعرف بـ"قوى الرابع عشر من آذار"، حسم وبما لا يقبل الشك مشاركة الحزب في الحكومة وجزم بألا فيتو من أي دولة على مشاركة حزب الله، وبإعتراف مباشر من الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​، وبإقرار ولو غير مباشر من بعض سفراء دول الخليج، الأمر، سينعكس تسهيلاً إضافياً على عملية تشكيل الحكومة.

إذاً الحكومة ستشكل بسرعة لا يتوقعها أحد، ولكن هذا لا يعني أن عملية التشكيل لن تخلو من بعض المزايدات السياسية ورفع سقوف المطالب كل ذلك بهدف تحصيل أكبر عدد ممكن من الحقائب لهذا الفريق أو ذاك، ولحصد حقيبة سياديّة من هنا وخدماتية من هناك، لكن هذه المزايدات سرعان ما ستسقط عندما تدق ساعة إعلان التشكيلة وتقديمها الى رئيس الجمهورية.