اثمر التشاور الرئاسي الثلاثي بين الرئيسين ​ميشال عون​ و​نبيه بري​ ودخل على خطه الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ خلال الايام الستة الماضية والذي تميز بلقاءات كثيفة مباشرة بين الرؤساء الثلاثة واعلن عن بعضها في الاعلام وغير مباشرة عبر مندوبين لهم وبقي جزء كبير من المباحثات خارج التداول الاعلامي وخلف الكواليس. في المقابل نشطت الاتصالات بين مختلف القوى السياسية المتحالفة وشهدت المقار السياسية سلسلة من اللقاءات ولعل اكثفها كان لفريق ​حزب الله​ و​حركة امل​ وباقي الحلفاء في ​8 آذار​ وشهدت الضاحية و​عين التينة​ سلسلة لقاءات بين مختلف هذه القوى خلال الساعات الماضية مواكبة للتشاور الرئاسي وافضى الى "شبه إتفاق" من ثلاثة مراحل ينفذ تباعاً خلال الاسابيع القليلة التي تفصلنا عن ​عيد الفطر​ المبارك.

وتؤكد اوساط حزبية بارزة في تحالف امل وحزب الله ومطلعة على ما يجري من مفاوضات ان الامور "سالكة" وفق الاتفاق الذي اخذ طريقه خلال جلسة الاثنين الحكومية الاخيرة ومن ثم في جلسة انتخاب رئيس ​مجلس النواب​ نبيه بري ونائبه واميني السر واعضاء هيئة مكتب المجلس بشبه إجماع وفي تأكيد على استعادة التوازن السياسي في الحياة اللبنانية وطي مرحلة ما بعد 2005 واغتيال الرئيس الشهيد ​رفيق الحريري​ المشؤوم والذي كنا اول من تم تدفيعنا ثمن هذا الاغتيال ومن ثم سوريا وما زالت تدفع ثمن مواقفها الوحدوية والمقاومة.

وتشير الاوساط الى ان ما جرى في مجلس النواب منذ ايام هو ترجمة طبيعية لنتيجة الانتخابات ولاختلاف موازين القوى التي كانت سائدة في المرحلة الماضية والتي انتهت الى غير رجعة. ففريقنا عاد بحجمه الطبيعي وظهرت احجام الفريق الآخر الذي استولى على السلطة واستأثر بها طوال الفترة الماضية ونحن ساهمنا في ذلك درء للفتنة من الاتفاق الرباعي في العام 2005 حتى اليوم وما كنا نبتعد عنه ونخشاه تأكد لنا واليوم نحن خارج الدوامة الطائفية والمذهبية وسقطت رهان كل من اراد وقوع الفتنة.

وبعيداً من منطق الاستقواء اوالغالب والمغلوب او "الشماتة" السياسية ومنطق الكسر والعزل ومن منطلق تأكيد احقية تمثيل كل من نجح في الانتخابات وظهر حجمه وحجم تمثيله دخلنا في نقاش ​الحكومة​ وعلى ما يبدو ووفق الاوساط ان مختلف القوى السياسية الداخلية وخصوصاً "الفريق الاميركي- السعودي" يريد الاسراع في تشكيل الحكومة وفق معادلة "التسوية الرئاسية" الصامدة رغم العواصف العاتية التي تصفع لبنان من الخارج.

وتؤكد الاوساط ان المشاورات الرئاسية في الايام الماضية افضت الى "شبه اتفاق" اولي من ثلاث مراحل يقضي بالاتفاق على شكل وعدد المقاعد الحكومية وفي مرحلة ثانية سيتم البحث في نوعية الحقائب وفي مرحلة ثالثة سيتم اسقاط الاسماء على الحقائب كما يجري عادة ولكن ضمن فترة زمنية لا تتجاوزعيد الفطرالمبارك لاسباب كثيرة واولها ان الرئيس عون لا يريد ان تكون حكومة عهده الاولى محط كباش واستنزاف لسنوات العهد وحرمان البلد من انجازات اساسية يحتاجها بعيداً من منطق اغراق البلد في فوضى التأليف وتقطيع الوقت. وثانيها ان المظلة الدولية القائمة فوق لبنان ما زالت موجودة ولا يريد احد من الاطراف الكبرى الاخلال بالتوازن الموجود منعاً لانفجار البلد وتفجر ازمة النازحين والملف الامني في وجه الجميع.

وتشير الاوساط الى ان الخطوط العريضة للاتفاق تنص على ان تكون الحكومة موسعة وجامعة من 32 وزيراً لتشمل العلويين والاقليات، على ان يتمثل حزب الله بثلاثة مقاعد سيشغلها حزبيون وسيكون له حقائب خدماتية معينة كما ستتمثل حركة امل بثلاثة مقاعد ومن بينها سيكون لها حقيبة المال. اما سنة 8 آذار ومعهم السنة خارج تكتل المستقبل البالغ عددهم 10 سيكون لهم مقعدان احدهم لفريقنا والآخر لرئيس الجمهورية من حصته. أما مسيحيي 8 آذار والمستقلين فسيكون لتكتل المردة- الخازن- كرامي وزير مسيحي كما سيمثل ​الحزب القومي​ بوزير مسيحي ايضاً. وعلى ضفة التيار سيكون له سبعة مقاعد بالاضافة الى حصة الرئيس عون التي ستتضمن وزيراً سنياً ودرزياً ونائب رئيس الحكومة. وعن الحصة الدرزية تشير الاوساط الى ان رئيس ​الحزب الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ يطالب بثلاثة دروز له بينما يريد وزيراً مسيحياً في مقابل توزير النائب ​طلال ارسلان​ من قبل التيار او الرئيس عون اي انه سيحصل على وزيرين درزيين وآخر مسيحي اذا ما توزر ارسلان. اما ​القوات اللبنانية​ فإنها ستتمثل بأربعة وزراء كما سيكون ل​حزب الكتائب​ مقعد وزاري وبذلك تسلك الامور مسارها الصحيح.