إستعادت صيدا دورة حياتها الطبيعية بعد إجراء ​الإنتخابات النيابية​، طوت صفحة الخلافات والتداخلات السياسية والتراشق الاعلامي وتوجت بزيارات تهنئة ترجمة للرغبة في التهدئة وعودة الامور الى نصابها السابق، وبدأت على عجل باستقبال ​شهر رمضان​ المبارك، فإستبدلت صور المرشحين وشعاراتهم الانتخابية من ساحاتها وشوارعها وداخل أحيائها بزينة رمضان وأنواره وفوانيسه وهلاله، مكرسة نفسها عاما بعد آخر مدينة رمضانية بإمتياز.

منذ بدء شهر رمضان المبارك، و​مدينة صيدا​ تعيش اجواءه، بكل معانيه الايمانية والروحية والانسانية، تشكل الزينة معلما مميزا فيه علنا، كل عام تتخذ شكلا مختلفا، تنتشر في الشوارع الرئيسية والساحات العامة وخاصة ساحتي النجمة وباب السراي وعند مستديرة "ايليا"، تعكس انوارها المتداخلة سكينة وطمأنينة على نفوس ابنائها، تكاملا مع التكافل الإجتماعي الذي يتجلى بأبهى مظاهره.

حياة صيدا تنقلب في شهر رمضان رأسا على عقب، يحرص أبناؤها على القيام بطقوسهم الدينية نهارا وليلا، بين العبادة في الدروس الدينية وقراءة القرآن وصلاة التروايح في المساجد والقيام في المنازل، وبين العادة التي يتوارثونها جيلا بعد جيل، في التزاور والسهر والاقبال على إعداد المأكولات الرمضانية المشروبات الشهية والحلويات.

أولى تجليات هذا الشهر الفضيل، تبادل التهاني التبريكات والمعايدة بقدومه، قبل أيام قليلة كان أبناء المدينة في تنافس قوي واصطفافات سياسية فرضتها الانتخابات النيابية، إنتهت، ومعها انتهى الاصطفاف، فشهر الخير والتسامح والمحبة عاد ليوحد العائة الصيداوية الكبرى وأبناء البيت الواحد وكأن شيئا لم يكن، حيث شهدت، تطورين في هذا الاتجاه، الاول قيام النائبين "​زياد أسود​ و​سليم خوري​" ومنسق التيار الوطني الحر في ​الجنوب​ ماهر باسيلا والمهندس بول توما، بزيارة الدكتور عبد الرحمن البزري ونائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية في ​لبنان​ الدكتور ​بسام حمود​، وقيام وفد من "​الجماعة الاسلامية​" بزيارة كل من النائب الحريري والنائب المنتخب أمين عام ​التنظيم الشعبي الناصري​ الدكتور اسامه سعد، حيث كانت الزيارتان مناسبة لتقديم التهاني بفوزهما في الانتخابات.

ثاني تجلياته، ان كل شيء يتغير، ينهمك عمال بلدية صيدا باقامة الزينة مع بداية الشهر الكريم، هذه المرة تأخرت بلدية صيدا برفعها، ليس تقصيرا، بل بسبب ضيق الوقت بعد انتهاء الانتخابات النيابية وازالة صور وشعارات المرشحين طوعا، كما قال رئيسها المهندس محمد السعودي، "غير ان المدينة ميزت نفسها لهذا العام ببرنامج حافل بالانشطة الرمضانية بعنوان "ليالي رمضان في صيدا"، يجمع بين التعاضد فيما بين مكوناتها ونسيجها الاجتماعي استجابة لقيم ومعاني الشهر الفضيل، وما بين انشطة رمضانية تنطلق من صيدا القديمة لتنعش مرافقها السياحية والتجارية وتعيد ضخ الحركة في شرايينها وتقدمها من جديد بل تكرسها مدينة رمضانية بامتياز.

هذه التؤأمة بين معاني الشهر الفضيل والانشطة، تهدف الى جذب كافة ابناء المناطق اللبنانية الى صيدا ليعيشوا فيها الروحية السامية، ترجمة لما تريده فعاليات المدينة بالتعاون مع جمعيات وهيئات مجتمعها المدني، قررت صيدا كما اعتادت دوما تنظيم النشاطات وابرزها مسيرات استقبال رمضان وليلة القدر، الى سحور رمضاني وسوق الطعام وتنشيط الحدائق العامة ومنتزه صيدا البلدي، واقامة نشاطات وسهرات ومأكولات يومية خارج الملعب البلدي المطل على البحر.

ويؤكد رئيس لجنة السياحة والتراث في بلدية صيدا، مطاع مجذوب حرص البلدية على أن تكون لمدينة صيدا مكانتها المميز في شهر رمضان وهناك تجارب ومهرجانات ناجحة وأخرها مهرجان المأكولات التراثية والشعبية في صيدا القديمة، موضحا ان دورنا يتمثل بإعادة السهرات الرمضانية وجعل صيدا نقطة جذب سياحي وتراثي وديني أيضا وأن تكون المطاعم والمقاهي على إستعداد لإستقبال الوافدين والأهالي، وبخاصة بعدما تم تأهيل هذه المؤسسات بالتعاون بين البلدية وبرنامج ​الأمم المتحدة​ وبإشراف المدرب والمنسق محمد عبد المنعم لتحقيق معايير سلامة الغذاء ونوعية الأكل والإلتزام بمعايير النظافة والأسعار، كما سيكون هناك تنسيق تام مع كافة ​القوى الأمنية​ داخل المدينة القديمة ومختلف المراكز التي ستشهد برامج رمضانية مميزة.

التكافل الاجتماعي

اما الوجه الاخر، فيتقدم التكافل الإجتماعي، وتبتكر الجمعيات الأهلية والخيرية أفكارا جديدة لخدمة الفقراء والمحتاجين، لم تعد تقتصر على إقامة موائد الرحمن لافطار الصائمين، أو توزيع مساعدات غذائية تخفف من معاناتهم اليومية في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة... أو دفع الصدقات والتبرعات لسد حاجة المعوزين والأيتام، بل باتت تتجاوز كل ذلك لإعداد وجبة إفطار ساخنة تقدم يوميا الى العائلات الفقيرة المتعففة في منازلها.