ما إن إنتهت ​الاستشارات النيابية​ التي كلّف رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بنتيجتها ​سعد الحريري​ تشكيل الحكومة، حتى إنطلق كباش سياسي بين ​التيار الوطني الحر​ و​القوات اللبنانية​، تارةً عبر تسريبات من هنا وأخرى من هناك وتارةً أخرى عبر تصريحات مصورة لنواب وقياديين من الفريقين، أما الخلفية، فمنصب نائب رئيس الحكومة في الحكومة المقبلة، والذي يشغله اليوم وزير الصحة غسان حاصباني. وفي هذا السياق تعتبر مصادر القوات أن " منصب نائب رئيس الحكومة يجب أن يبقى مع القوات لأسباب عدة، أولها لأنها تشغله اليوم، وثانياً لأن تكتل لبنان القوي الذي يجمع تمثيلياً التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، حصل على منصب نائب رئيس مجلس النواب، وثالثاً لأن القوات حققت نجاحاً مميزاً في الإنتخابات النيابية، ويسمح لها هذا النجاح بأن يشمل تمثيلها في الحكومة أعلى المستويات والمناصب، وبالتالي فهذا المنصب هو من حقها الطبيعي".

في المقابل ترفض مصادر التيار الوطني الحر أي كلام عن مقايضة نائب رئيس مجلس النواب بنائب رئيس مجلس الوزراء، معتبرة أن الربط بين المنصبين أمر غير وارد على الإطلاق. أولاً لأن القوات لم تفاوض من الأساس أي فريق على مقايضة منصب نائب رئيس مجلس النواب بنائب رئيس الحكومة، بل رشحت أحد أعضاء تكتلها الى نيابة رئاسة المجلس وخسرت المعركة بالتصويت، في وجه مرشح تكتل لبنان القوي النائب ايلي الفرزلي. ثانياً لأن رئيس الجمهورية عادة، وبحسب الأعراف، هو الذي يسمي نائب رئيس الحكومة، والدليل على ذلك أنه وفي الحكومة الأخيرة التي شكلها الحريري في العام ٢٠١٦، لم تأخذ القوات منصب نائب رئيس الحكومة إلا بقرار من رئيس الجمهورية نفسه، وبعدما تعذّرت عملية إعطائها إحدى الحقائب السيادية التي كانت تطالب بها، واليوم في الحكومة التي يعمل الحريري على تشكيلها، لا يزال القرار بالنسبة الى هذا المنصب، بيد رئيس الجمهورية، وإذا أراد أن يعطيه للقوات في الوقت الذي يطالب به التيار أيضاً للنائب الياس بو صعب، فهذا يعود الى سيد بعبدا حصراً".

ولأن ما من نية لدى أحد من الأفرقاء بعزل القوات اللبنانية وإخراجها من الحكومة المقبلة، كما تحدّثت أوساطها خلال الأيام الماضية، لا تستبعد أوساط متابعة لكواليس التشكيل أن تشمل المفاوضات منصب نائب رئيس الحكومة، خصوصاً أن كلام القوات عن عزلها وتطييرها من هيئة مكتب المجلس لم يكن دقيقاً إذ أنها عزلت نفسها بنفسها عندما قررت التصويت بورقة بيضاء بدلاً من إعطاء أصواتها لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ولو أنها صوتت لبري كان يمكن أن يدفع هذا التصويت بري الى المطالبة بإبقاء القوات داخل هيئة مكتب المجلس، لأن ما قام به التيار لم يكن ضد القوات، بل كل ما فعله هو أنه قرر أن يتمثل داخل الهيئة وهذا من حقه الطبيعي.

إذاً، حتى ولو أنها تطالب بحقيبة سيادية تدرك قيادتها أنها لن تحصل عليها، المعركة السياسية الحقيقية التي ستخوضها القوات في الأسابيع المقبلة، هي معركة نيابة رئاسة الحكومة وما يمكن أن تحصّله من حقائب ذات أهميّة، لكن الأكيد، أنها ستكون داخل الحكومة أو بالأحرى في صلبها.