في مداولاته الخاصة ومجالسه يُنقل عن رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ تعاطيه السلس والحكيم مع الملفات وهو ادار التحضيرات لانتخابه وانتخاب نائبه وهيئة مكتب المجلس بما فيهما اميني السر بكثير من الهدوء والترفع. فهو لم يكن يسعى الى "تكبير" عدد الاصوات وليس "خائفاً" من "الرسوب" او المنافسة لانه يعرف كما حلفاؤه وخصومه ان لا احد اجدر منه تشريعياً ولا احد سيضرب بمطرقة المجلس سواه طالما هناك نبض واحد في جسده اطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية. وهمّ الرئيس بري ان يكون انتخابه محط إجماع وبميثاقية شيعية ومسيحية ودرزية وسنية فالميثاقية يراها الرئيس بري اساس السلطة وروح وقلب ​الطائف​ و​الدستور​ النابض بالحياة. هذه الاجواء ينقلها نائب بارز في ​كتلة التنمية والتحرير​ ويقول النائب ان الرئيس بري لم يكن يوماً الا حامي الدستور وعراب الميثاقية وحارس التشريع والسلم الاهلي الامين. وفي حين لا يخفى على احد ان ​القاعدة​ الحزبية والجماهيرية في ​حركة امل​ كانت تمني النفس بـ128 صوتاً تنتخب بري رئيساً للمجلس وان ما حدث "اساء" لهم عاطفياً الا ان حلفاء الرئيس بري يروون ان ما حدث كان ممتازاً فنال الرئيس اصوات كل الكتل الكبرى ومن مختلف الطوائف وهو كان وسيبقى صلة الوصل وعراب الحوار بين الجميع.

ويشير النائب الى ان الرئيس بري ولحظة خروجه من قاعة مجلس النواب وضع وراء ظهره ما جرى داخل الجلسة وهو ينظر اليوم الى الغد وبعد غد. فماذا بعد تشكيل الحكومة؟ وكيف سيصمد ​لبنان​ في ظل ما نتعرض له امنياً واقليمياً وسياسياً واقتصادياً؟ وماذا يحضر الاميركيون والاسرائيليون للمنطقة و​سوريا​ و​فلسطين​؟

ويؤكد النائب ان تصويت كل كتلة ​القوات​ ضد الرئيس بري بالورقة ​البيضاء​ اي الامتناع عن التصويت او حجب للصوت وفيه موقف وتصويت غير القوات من النواب مثل بعض كتلة نواب لبنان القوي وراءنا ولم يتوقف الرئيس عنده فالرسالة السياسية وصلت وقت الانتخاب وانتهى مفعولها ولا يمكن صرفها خارج حدود الجلسة ولا تداعيات لها مستقبلاً. وينهي النائب حديثه بالتأكيد اننا منفتحون على الجميع كما كان قانون العفو عن الدكتور ​سمير جعجع​ في العام 2005 محطة لصفحة جديدة وقبله الطائف وغيرها من المحطات، نسعى دائماً الى الصفحات ​الجديدة​ من ضمن ثوابتنا لحماية البلد وضمان الاستقرار.

في المقابل تؤكد اوساط نيابية شاركت في استشارات الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ امس ان رغم الايجابيات من الكتل الكبرى ووجود مظلة رئاسية ثلاثية "فوق" الرئيس المكلف لتسهيل مهامه مع وجود خطوط عريضة لانجاح التكليف سريعاً، حضر طيف "الاوراق البيضاء" في المشاورات الحكومية ولا سيما الخلاف المسيحي - المسيحي والماروني تحديداً بين القوات والتيار حيث بدأ الاشتباك بين الطرفين على خلفية انتخاب الرئيس بري فالقوات صوتت بالورقة البيضاء والتيار صوت لمصلحة الرئيس بري رغم الخلاف السابق في حين رشحت القوات النائب انيس نصار، بينما رشح التيار النائب ​ايلي الفرزلي​ ففُرز مجلس النواب مرة جديدة بين القوات والتيار.

وتقول الاوساط ان الخلاف المتصاعد في الايام الماضية بين القوات والتيار ما زال تحت "الخطوط الحمر" اعلامياً وسياسياً لكنه سينفجر داخل اروقة التكليف اذا ما اصر الطرفان على عدم الحوار والواقعية. فالتيار يصر على نيابة ​رئاسة الحكومة​ وعلى حقيبتين سياديتين واحدة للتيار واخرى للرئيس وتبقى الحقيبتين الثانيتين الى ​الشيعة​ والسنة في حين تصر القوات على نيابة رئيس الحكومة وحقيبة سيادية و4 حقائب على اعتبار ان حجمها النيابي تضاعف.

وتشير اوساط في القوات الى ان البحث ما زال في اوله ومكانه الصحيح مع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وليس الوزير ​جبران باسيل​ او اي نائب او قيادي آخر في التيار مع احترامنا لما يقولون وما يمثلون وهناك اتفاق بيننا على تقاسم الحصة ​المسيحية​ بموجب "اعلان النوايا"

في ​معراب​. وتؤكد ان العلاقة مع الرئيس بري جيدة وتصويتنا بالورقة البيضاء في ​انتخابات​ رئاسة المجلس موقف سياسي مبدئي ومشابه للعامين 2005 و2009 ونحن نختلف معه على قضايا عدة كالملف السوري وسلاح ​حزب الله​ ونلتقي معه في ملفات ​محاربة الفساد​ والعمل الحكومي ومنع ​المحاصصة​ في ​الكهرباء​ والتعيينات. وتنفي الاوساط القواتية ان يكون للورقة البيضاء تداعيات في العلاقة مع الرئيس بري او انعكاسها بيننا وبينه على تأليف الحكومة وفي اليوم التالي زار الرئيس بري النائب انيس نصار ممثلاً الدكتور جعجع والقوات وتم توضيح ما جرى في الجلسة مع الرئيس بري وعلى التعاون والتواصل لما فيه مصلحة مجلس النواب والبلد والحكومة.

وتقول اوساط متابعة ان تمسك الرئيس بري بالميثاقية اساسي ومبدئي في مسيرته لكنه يعتبر ان اشراك كل المكونات المسيحية الاخرى كالقوات و​المردة​ و​الكتائب​ اساسي في اطلاق عجلة الحكومة والحكم وفي إرساء توازن في وجه التيار بقيادة باسيل فاليوم هناك "تهدئة" بين التيار وامل وغداً من يضمن عدم إنقلاب باسيل مرة جديدة ضد الرئيس بري؟