بعد إنتهاء الإستشارات النيابية، غير الملزمة، في المجلس النيابي، سارع رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ الى تأكيد تعاون جميع الأفرقاء لتسهيل مهمته، لكن على ما يبدو سيكون هو الخاسر الأول مع ولادة الحكومة المقبلة، بغض النظر عن الحصيلة التي ستخرج بها الإتصالات القائمة لتجاوز بعض العقبات، سواء تلك المتعلقة بتمثيل حزب "القوات اللبنانية" أو بتمثيل رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" وزير المهجرين طلال أرسلان.

الأزمة الأساسية التي لدى رئيس الحكومة المكلف هي في التمثيل السني، حيث التوجه إلى خسارته مقعدين من أصل 6، الأول يذهب إلى رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، على أن يأخذ الحريري مكانه وزيراً من الحصة المسيحيّة، والثاني متعلق بمطالب القوى السنيّة الأخرى بالحصول على معقد وزاري، وهو ما ظهر من خلال طرح "التكتل الوطني"، الذي يضم نائبين سنيّين (فيصل كرامي وجهاد الصمد)، بالإضافة إلى مطالبة كتلة "الوسط المستقل"، التي رأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بالتمثل عبر وزير سني أو مسيحي.

في هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن رئيس الحكومة المكلف لا يستطيع اليوم إدّعاء إحتكار التمثيل السنّي في ​مجلس الوزراء​، خصوصاً أن نتائج الإنتخابات النيابيّة أظهرت فوز العديد من الشخصيات التي هي من خارج دائرته، وبالتالي من المفترض أن تنعكس تلك النتائج على عملية تشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن "المستقبل" يعتبر أن هؤلاء لا يشكلون تكتلاً نيابياً واحداً، بل هم في معظمهم مستقلون أو أعضاء في كتل نيابية تفاوض للحصول على حصّة، وعلى الأرجح لا يتفقون على شخصية واحدة تمثّلهم.

إنطلاقاً من ذلك، تشدد هذه المصادر على أن الحريري سيتمسّك بالحجج التي لديه لمنع دخول أي شخصية سنيّة معارضة إلى مجلس الوزراء، وهو لن يقدّم على أي تنازل على هذا الصعيد بسهولة، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك، لا سيما لناحية العمل على نفوذ خصومه الذين نجحوا في تحقيق نتائج مهمة في مناطقهم، لكنها في المقابل تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول بقاء هذه المسألة موضع إصرار من قبل القوى المقابلة المعنيّة بتأليف الحكومة، لا سيما "​حزب الله​" ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​.

من وجهة نظر المصادر نفسها، فإن رئيس الحكومة المكلف قادر على تجاوز هذه العقبة، والإكتفاء بخسارة مقعد سنيّ واحد، كما هو الواقع في حكومة تصريف الأعمال، يكون من حصة رئيس الجمهورية على أن يحصل في المقابل على مقعد مسيحي، بالإعتماد على حرص كل من عون وبري على الإسراع في التشكيل، نظراً إلى أن النواب السنّة الّذين يعارضونه لا يستطيعون التأثير على مسار التأليف بأي شكل من الإشكال، لكن في حال كان هناك خلافات أخرى من الممكن أن يتحول هذا "المطب" إلى عقدة أساسية.

من ناحية أخرى، لا تنكر هذه المصادر حجم الأزمة التي يواجهها الحريري في ما يتعلق بتمثيل حزب "القوات اللبنانية"، نظراً إلى أنه يدرك جيداً أن المملكة العربية السعوديّة لن تقبل بإبعاده عن مجلس الوزراء، خصوصاً أن الترجيحات تشير إلى أن عمرها قد يكون طويلاً، بينما لا مصلحة سياسية له في هذا الموضوع، نظراً إلى أنه على المستوى السياسي بحاجة إلى وجود "القوات" إلى جانبه لدى طرح أي من الملفّات الخلافيّة، لا سيما بالنسبة إلى التنسيق مع الحكومة السوريّة لمعالجة أزمة النازحين أو إعادة العلاقات مع سوريا، على إعتبار أنه الفريق الوحيد، من قوى الرابع عشر من آذار، الذي قد يكون موجوداً على طاولة مجلس الوزراء، في حين أن حزب "الكتائب" يتجه لأن يكون في صفوف المعارضة.

في المحصلة، الحريري سيكون هو الخاسر الأكبر في الحكومة المقبلة، بالرغم من أنه ضمن من خلال التسوية الرئاسية مع "التيار الوطني الحر" البقاء في رئاسة الحكومة، الأمر الذي يتطلب منه "دوزنة" التركيبة بأفضل شكل للحد من خسارته.