تُدرك كل القوى السياسية ان السجال الحاصل حول حصة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الوزارية وما اذا كان سيقابلها حصة لرئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، ليس الا مجرد محاولة من قبل المعنيين بتشكيل الحكومة لملء الفراغ بالوقت الضائع بانتظار عودة الثاني من المملكة العربية ​السعودية​ برؤية واضحة حول "هامش تحرّكه"، ما سيخوّله الانكباب فعليا على عملية التشكيل بعدما انحصرت حركته منذ تكليفه بمظاهر بروتوكولية أبعد ما تكون عن العمل الجدي المطلوب لانجاز التشكيلة الحكومية سريعا.

ولم يكن السجال حول حصّة الرئيس المادة الوحيدة التي استُخدمت لملء الفراغ في الوقت الضائع، بل تم التداول بأكثر من تشكيلة حكومية آخرها من 14 وزيرا، هدفها جسّ النبض واعتمادها كـ"بالون اختبار" لتبيان ردود الفعل حولها تمهيدا للبناء عليها بعيد انطلاق العمل الحقيقي لتجميع "البازل الحكومي".

وتشير مصادر "الثنائي الشيعي" الى ان ما تفاهم عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مؤخرا هو تشكيل حكومة وحدة وطنية لكن حسب الاحجام، بحيث يحددان معا حجم عدد من القوى وأبرزها "القوات" و"​الكتائب​" و"​التقدمي الاشتراكي​"، باعتبار ان الحصة الشيعية في الحكومة محسومة ولا مجال للأخذ والرد بخصوصها، لافتة الى وجود ما بين 35 و40 نائب سيتولى الثنائي عون–الحريري تحديد شكل وحجم تمثيلهم الحكومي.

ومن المسلمات أيضا بالملف الحكومي، اصرار ​حزب الله​ على تمثّل رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" المير ​طلال ارسلان​ في الحكومة. كما يتمسّك "​التيار الوطني الحر​" به تبعا لالتزامات سابقة معه، ولأسباب متعددة لعل ابرزها لدى العونيين التصدي لما يسمونه "احتكار جنبلاط للتمثيل الدرزي". وتضيف المصادر:"ان يتم اعطاء رئيس "التقدمي الاشتراكي" نائبين درزيين وثالث مسيحي امر مستبعد ايضا باعتبار ان القوى المسيحيّة غير جاهزة بتاتا للتفريط بالحصّة المسيحيّة لحل اشكاليّة اي كان، خصوصًا وان لديها أصلا في الصف المسيحي اشكاليات ولا تتطلع للمزيد منها".

وتعتبر مصادر مطلعة أن هناك 3 ملفات يسعى الحريري للحصول على اجوبة واضحة بخصوصها من المملكة العربية السعودية، للانطلاق جديا بعملية التشكيل:

أولا- التمثيل القواتي وما اذا كانت ​الرياض​ متمسكة بتنفيذ طلباتهم بشكل كامل او جزئي او اذا كان هناك احتمال على ابقائها خارج الحكومة؟!.

ثانيا- حجم حزب الله في الحكومة وما اذا كانت هناك من فيتوات معيّنة بخصوص عدد من الحقائب التي قد لا ترحب الرياض و​واشنطن​ أن يتولاها، "بعدما بات محسوما اشراكه فيها من خلال 3 نواب من حاملي البطاقات الحزبية".

ثالثا- الذي سيسعى الحريري لبته في المملكة، بحسب المصادر، هو التمثيل السني من خارج "المستقبل"، وما اذا كان السعوديون يوافقون على توزير احد من النوّاب (​عبد الرحيم مراد​ أوفيصل كرامي أواسامة سعد) القريبين من حزب الله الذي يصرّ على اشراكه في الحكومة الجديدة، لافتة الى ان حظوظ الاخير متدنية لما قد يسبّبه من حساسيّة في شارع "المستقبل" الصيداوي. وتكشف المصادر ان رئيس الحكومة المكلّف يسعى لتوزير سيدتين من أصل 5 وزراء من حصته.

بالمحصلة، تبقى كل السجالات سواء العونية–القواتية او الدرزية–الدرزية المحتدمة مؤخرا من دون جدوى او نتيجة قبل عودة الحريري من السعودية، لأن ما بعد الزيارة في مسار التشكيل سيرسم خارطة طريق أمام الحكومة العتيدة!.