على الرغم من مرور ما يقارب الاسبوع على انتهاء ​الاستشارات النيابية​ غير الملزمة، لا تزال العقد الحكومية على حالها، من دون أن تنجح المشاورات أو الاتصالات في حال وجودها أصلاً في حل أي منها، في ظل غياب رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ عن البلاد، لا بل يمكن القول أن لا اتفاق على شكل الحكومة حتى الساعة، مع طرح بعض الأفرقاء أن تكون من 30 وزيراً ومطالبة البعض الآخر بأن تكون أكثرية مقابل وجود معارضة في المجلس النيابي، بالإضافة إلى السعي لرفع عدد أعضائها إلى 32، لتأمين تمثيل الطائفتين العلوية والسريانية.

في هذا السياق، تستغرب مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، المراوحة القائمة، بالرغم من إصرار مختلف الأفرقاء بالحديث عن ضرورة الإسراع في إنجاز التشكيلة الحكومية، بسبب الاستحقاقات التي تنتظر لبنان، سواء كانت على المستوى الاقتصادي والمالي أو على المستوى السياسي، مع ما يجري من تطورات على مستوى المنطقة.

وتشدد هذه المصادر على أن العقد الأساسية لا تزال كما هي، أي في مرحلة توزيع الحصص على الكتل النيابية، وأبرزها الصراع على التمثيل المسيحي بين "​التيار الوطني الحر​" وحزب "القوات اللبنانية"، بالإضافة إلى الخلاف حول التمثيل الدرزي بين "​الحزب التقدمي الاشتراكي​" و"​الحزب الديمقراطي اللبناني​"، من دون تجاهل أزمة التمثيل السنّي في ظل وجود 10 نواب لا يدورون في فلك تيار "المستقبل"، حيث يطالب كل من رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ والشخصيات المنضوية في قوى الثامن من آذار بالتمثل في الحكومة، مع العلم أن هناك عقدة أخرى متعلقة بالمطالبة بتمثيل "​الحزب السوري القومي الاجتماعي​" بوزير مسيحي.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الواقع يدفع للتأكيد بأن الولادة الحكومية لن تكون قريبة، على عكس ما كان يروج منذ الانتهاء من ​الانتخابات النيابية​، نظراً إلى أنه بعد حلّ أزمة الحصص ستظهر أزمة الحقائب التي سيطالب بها كل فريق، وتؤكد أن هذا الأمر لن يكون سهلاً على الإطلاق، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى أن عمر هذه الحكومة سيكون طويلاً، وبالتالي ستسعى أغلب القوى إلى رفع سقف مطالبها، بالتزامن مع الضغوط التي تفرض من قبل بعض الجهات الخارجية التي لها مصالحها في لبنان وتريد الحفاظ عليها.

بناء على هذه الوقائع، تلفت المصادر السياسية المطلعة إلى أن المعادلة الأسهل هي لدى التمثيل الشيعي، حيث الاتفاق بين "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" على تقاسم المقاعد الوزارية الست، في حال ضمّت الحكومة 30 وزيراً، على أن تكون الحقيبة السياديّة من حصة الحركة بينما يحصل الحزب على أخرى خدماتيّة، يسعى من خلالها إلى تحسين مستوى تمثيله بعد أن كان يكتفي في السابق بما يعرض عليه، في المقابل لا يبدو أن الحزب في طور خوض معارك عن حلفائه الآخرين، حيث يعتبر أن النتائج التي حققوها في الانتخابات تؤهّلهم إلى التمثل في مجلس الوزراء، لكن عليهم خوض المعركة بأنفسهم.

بناء على ذلك، ترى هذه المصادر أن مفتاح حل العقد، التي تعيق ولادة الحكومة، بيد كل من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف، المخوّلان دستورياً تشكيل الحكومة بالتشاور مع باقي الأفرقاء، وتوضح أن الرئيس عون قادر على لعب دور مهم بالنسبة إلى عقدة التمثيل المسيحي والدرزي، بينما معالجة عقدة التمثيل السني بيد الحريري، الذي عليه الاعتراف بوجود قوى أخرى نجحت في تحقيق نتائج مهمّة في الانتخابات، من دون تجاهل الدور الذي من الممكن أن يلعبه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ على هذا الصعيد.

في المحصلة، الأيام المقبلة قد تحمل معها بشائر التشكيلة الحكومية، لا سيّما مع عودة رئيس الحكومة المكلّف إلى البلاد من زيارته إلى الرياض، التي قيل أنها عائلية فقط، فهل يكون المخرج بالذهاب إلى حكومة أكثريّة لا تضم القوى التي ترفض القبول بما يعرض عليها من حصص؟.