لن يتردد رئيس ​الحكومة​ المكلّف ​سعد الحريري​ في أن يكون القدوة بملف توزير النساء في الحكومة الجديدة. فهو أكد أمام زواره أكثر من مرة في الآونة الأخيرة ومنهم النائب بولا يعقوبيان أنه يطمح لتشكيل حكومة يكون 25% من وزرائها من النساء، حتى أنه اتخذ على ما يبدو قرارا بأن يطبّق مبدأ "الكوتا الوزارية" أولا في تياره، من خلال توزير سيدتين من اصل 5 من الوزراء الذين يشكلون حصته الوزارية.

ولا تنحصر مهمّة رئيس "المستقبل" في هذا المجال داخل تياره، باعتبار انه أبلغ كل ​الكتل النيابية​ بوجوب بذل جهود لطرح أسماء نساء للتوزير، بما يسمح بأن يكون ربع الحكومة المقبلة من العنصر النسائي، ليشكل ذلك سابقة في تاريخ الحكومات اللبنانية التي لطالما كان التمثيل النسائي فيها رمزيا.

ولعل الحريري هو الاصدق في العمل على اشراك جدي للمرأة في الحياة السياسية من هنا كان ترشيحه لـ3 نساء الى الانتخابات النيابية في دوائر كان فوزهن شبه محسوم، بخلاف أحزاب أخرى كـ"القوات اللبنانية" التي رشحت 4، ولم تتمكن من ايصال الا النائب ستريدا جعجع مرة جديدة الى الندوة البرلمانية. أما "التيار الوطني الحر" الذي لم يرشح الا 3 نساء، فلم يؤمن وصول أي منهنّ الى المجلس النيابي علما ان خسارتهن كانت شبه محسومة في الدوائر التي خضن فيها الانتخابات.

ويبدو ان "القوات" و"التيار" على حد سواء سيضطرّان لطرح اسم امرأة على الأقل للتوزير تفاديا للاحراج الذي سيشكله تسمية الحريري سيدتين مقابل عدم تسميتهما اية سيدة. وفيما يبرز اسم احداهنّ المقرّبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من حصة "العونيين" الوزارية، يبقى العنصر النسائي الذي سيسعى "القوات" لتوزيره مجهولا حتى الساعة. ويربط القواتيون الموضوع بنوعية الوزارت التي سيحصّلونها، مؤكدين انهم "بخلاف باقي القوى السياسية، نحن نسعى لتوزير الشخص المناسب في الوزارة المناسبة وبالتالي لا نحدد اسماء مسبقة للتوزير تشغل أي وزارة كانت".

ومن المرجح أن تعود الوزيرة النائب عناية عز الدين الى ​مجلس الوزراء​، من حصة حركة "امل"، مع استبعاد تام لأن يلجأ حزب الله لتخصيص أحد مقاعده الوزارية الـ3 لاحدى النساء، تماما كما هو الحال مع الحزب "التقدمي الاشتراكي".

وتشكل النساء 53 في المئة من المجتمع اللبناني، ويحتل لبنان المرتبة 185 من بين 191 دولة فيما يتعلق بمرتبة تمثيل النساء في الحياة السياسية، ما يشكل "نقطة سوداء" في تاريخه.

وتعوّل الجمعيات النسائية على العدد الكبير من المرشحات اللواتي خضن الانتخابات النيابية الاخيرة والذي بلغ 111، تم السير بترشيح 86 منهن، كي يكون محفزا لنساء أخريات للاقدام على الترشح في دورات قادمة، لكي يشكل ضغطا على الاحزاب والقوى السياسية لاشراك ​المرأة​ بفعالية بالقرار السياسي، وان كان وصول 6 نساء فقط الى الندوة البرلمانية شكل نوعا من الخيبة، خاصة وان 5 منهن وصلن نتيجة ترشيحات حزبيّة، وواحدة فقط هي النائب بولا يعقوبيان وصلت من كنف المجتمع المدني الذي رشح العدد الاكبر من النساء على لوائحه.

وتُجمع كل الفعاليات النسائية على وجوب اطلاق حملات موسّعة واستباقية لضمان أن تكون المرأة ممثلة فعليا في الحكومة المقبلة، ولمحاسبة كل فريق سياسي يتلكأ في هذا المجال.