مع الحديث عن تقدم "التفاوض" لإنجاز حكومة الرئيس ​سعد الحريري​ الثالثة له والثانية في عهد ​الرئيس ميشال عون​ ومع إعلان كل من ​التيار الوطني الحر​ ورئيسه الوزير ​جبران باسيل​ و​حزب الله​ على لسان امينه العام ​السيد حسن نصرالله​ و​حركة امل​ على لسان رئيسها ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ "الحرب على الفساد"، تترقب الاوساط الشعبية والسياسية اللبنانية عموماً وفي بيئة المقاومة والتحالف مع التيار الوطني خصوصاً كيفية ترجمة الخطابات والشعارات في حرب على الفساد يكاد الجميع مشتركاً فيها باستثناء حزب الله الذي لم يكن يوماً شريكاً في وزارة خدماتية او في ملف فساد على اعتبار ان اولويته كانت المقاومة وجبهاتها وتبعاتها.

ورغم وجود ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر منذ العام 2006 واستمرارها حتى اليوم رغم تضررها بفعل الانتخابات النيابية الاخيرة والتحالفات التي نسجها الوزير باسيل اضرت بالعلاقة مع الثنائي الشيعي ومع القوى الاخرى من اجل تحقيقه مكاسب انتخابية كبيرة لم تتحقق.

ورغم "الرافعة" التي شكلها حزب الله سياسياً وحكومياً ومجلسياً للتيار والتكتل التابع لباسيل في ملفات الاتصالات والطاقة والنفط والنازحين، تحوم الكثير من التساؤلات حول كيفية تعاطي التيار مع ملفات مكدسة وصفقات واموال وسمسرات التصقت بالفريق العوني منذ توليه الوزارات للمرة الاولى بعد تسوية الدوحة في العام 2008 .

وما يزيد من "حراجة" الموقف البرتقالي هو ما يحكى راهناً عن شبهة فساد وتقاضي اموال من راغبين بالحصول على الجنسية اللبنانية من غير مستحقيها في حين تجاهل ​مرسوم التجنيس​ عشرات الالف من اللبنانيين الذين يستحقونها ورغم تحريك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتحقيقات وتجميد المرسوم وتكليف ​اللواء عباس ابراهيم​ متابعة الملف، فتح هذا الملف الباب واسعاً امام ما يتردد من تجاوزات و"صفقات" كل من الوزير باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السابق ​نادر الحريري​ في ملفات عدة من النفط الى الكهرباء والاتصالات ولن يكون آخرها ملف التجنيس.

كل هذه المعطيات في حوزة تحالف امل وحزب الله وفريق 8 آذار وتؤكد اوساط سياسية بارزة في هذا التحالف "امتعاضها" الواضح مما يجري من طرفي "التسوية الرئاسية" الآخرين اي التيار الوطني والمستقبل وخصوصاً ان التيار حليف لحزب الله وشريك "مفترض" في حملة الفساد التي سيكون طرفاً اساسياً فيها هو حزب الله وممثلاً بالنائب ​حسن فضل الله​ والذي يملك ما يكفي من معطيات عن وزارتي الاتصالات وملف ​اوجيرو​ والانترنت والتخابر غير الشرعيين وكذلك عن وزارة الطاقة وصفقات البواخر ومعامل الكهرباء المجمدة.

وتؤكد الاوساط ان بدل ان يُحمل باسيل حركة امل اليوم مسؤولية الفساد منذ العام 1992 وحتى اليوم وإسقاطه فجأة "ملف الابراء المستحيل" وفضيحة الـ11 مليار دولار الغائبة وقبوله بتمرير موازنة العام 2018 بلا قطع حساب، سيكون عليه ان يقدم "كشف حساب" عما جرى في عهده في وزارتي الاتصالات والطاقة مع كل الوزراء الذين مثلوا التيار في هاتين الوزارتين.

وتورد الاوساط جملة من الامثلة على ارقام في هاتين الوزارتين شكلت محط تساؤل في الاعوام والاشهر والاسابيع الماضية علماً ان التيار الوطني يصر على البقاء في وزارة الطاقة والمياه لمتابعة ملف النفط والكهرباء.

وتشير الاوساط الى مفارقة حصلت منذ بضعة اشهر حيث دشن الحريري وباسيل معملا لتوليد ​الطاقة الكهربائية​ في محلة البحصاص بمنطقة طرابلس شمال لبنان في اب من العام الماضي رغم إصرار التيار الوطني على رفض فكرة المعامل وتأكيده ان خطة الكهرباء الانقاذية هي من بوابة البواخر التركية وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء قبل دخول مرحلة تصريف الاعمال "مرر" التيار عقد التجديد للبواخر التركية وبصفقة اقل بقليل من السابق ولعام ما يؤكد صحة رفض فريق امل وحزب الله ومعهما القوات والاشتراكي للبواخر بسبب "روائح" فساد وشبهات وتقاضي عمولات وتجاوز دوائر المناقصات والشفافية المطلوبة. ورغم كل ما صرفه باسيل وزملائه في التيار على الكهرباء منذ العام 2008 والذي تجاوز اليوم اكثر من 12 مليار دولار والوعود بالتغذية 24 على 24 بقي لبنان غارقاً في العتمة وخصوصاً البقاع والجنوب وعكار والشمال!

وفي ملف النفط ايضاً وبعد "حرب" امتدت لاعوام بين باسيل والرئيس نبيه بري على خلفية المراسيم النفطية وتشكيل هيئة ادارة النفط وتلزيم البلوكات تبين ووفق الاوساط ومنذ ايام ان من كان يعرقل ملف النفط والتنقيب هو باسيل وفريقه لاسباب نفعية خاصة وفق الاوساط نفسها.

وفي ملف وزارة الاتصالات التي تعاقب عليها وزراء من المستقبل والتيار الوطني الحر ورغم كل الموازنات التي صرفت وآخرها الـ500 مليون دولار لتسريع الانترنت وخفض كلفته في ما بات يعرف بملف "الفايبر اوبتيك"، تضج وزارة الاتصالات اليوم بفضائح توظيف انتخابية لاكثر من 150 موظفاً مياوماً "ابطالها" باسيل والمستقبل الامر الذي بات عهد التفتيش المركزي.

لهذه الاسباب كلها تؤكد الاوساط ان تحديد سقف النفقات في الوزارات التي تصنف خدماتية وحيوية ورفع ميزانية بعضها وخفض البعض الآخر كالصحة والاشغال وتخفيض العجز وحسن ادارة قطاعات النفط والاتصالات والكهرباء والمياه، امر حيوي اذا ما اردنا منع إفلاس البلد وخفض النفقات لنجاح المرحلة الجديدة وفي ملف ​مكافحة الفساد​ فالشفافية في الانفاق وادارة المال العام في اي وزارة سيكون محط مساءلة ومتابعة لباسيل والمستقبل او لامل او لاي فريق آخر.

في المقابل يؤكد مصدر قيادي في التيار الوطني الحر وجود مساع لـ"شيطنة" التيار والعهد وإلصاق تهم الفساد وتجاوز القوانين ونذكر قصة النفط ومحاولة الاساءة لاداء الوزير ​سيزار ابي خليل​ ونفي شركة ​توتال​ لاحقاً ونفيها كل مزاعم السمسرات والعمولات. ويضيف المصدر ان قصة مرسوم التجنيس في طور المعالجة ولوانتظروا قليلاً لاكتشفوا ان الامر لا يتعلق بالتيار والعهد همهم الاساءة لنا بأية طريقة لكن الحقائق تكذبهم.

ويكشف المصدر عن إجتماع هام للمجلس السياسي في التيار برئاسة باسيل الاربعاء وسيكون مطولاً لبحث كل القضايا الراهنة بما فيها ملف الحكومة وما يطرح في الاعلام اليوم.

وحول المرحلة الجديدة وشراكة التيار في مكافحة الفساد الذي تدوره فيه شبهات حوله، يشدد المصدر على اننا نخضع للمساءلة والمحاسبة ونحن تحت سقف القانون ولن نخفي شيئاً من المراحل السابقة.

وعن المعلومات بوجود توجه لسقف انفاق بعض الوزارات بما فيها وزارات التيار يشير المصدر الى ان الامر مرهون بتشكيل الحكومة ومعرفة الحقائب التي ستؤول للتيار فالامر لم يحسم بعد وعندما تشكل الحكومة نناقشه.