منذ سنوات وسنوات، يطلق ​حزب الله​ الصرخة تلو الأخرى بوجه المسؤولين، مطالباً بفرض الأمن في المناطق المحسوبة عليه شعبياً ك​بعلبك​ و​الهرمل​ و​الضاحية الجنوبية​ وغيرها. وهو يردد عبر نوابه ومسؤوليه وحتى على لسان أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​، مقولة "لا ولن نغطّي أحداً من المطلوبين والمجرمين الذين يشوّهون بإرتكاباتهم صورة البيئة المقاومة، وان الدولة يجب أن تلاحقهم وتلقي القبض عليهم كيفما كان وأينما وُجدوا". ولم تألُ جهدًا قيادة الحزب وهي تردد أنها مستعدة للتعاون مع القوى الأمنية في عملية البحث أو القبض على أي مطلوب، لكن عملية توقيفه لا تندرج ضمن صلاحياتها كفريق سياسي. في الآونة الأخيرة كثرت العمليات الأمنية في شارع الحزب، من العملية النوعية الأخيرة في الأوزاعي والتي ضبطت بنتيجتها شبكة كبيرة محلية ودولية لتهريب المخدرات، مروراً بالمداهمات والتوقيفات التي نفذّت في بعلبك وبريتال، وصولاً الى التوقيفات التي شهدتها منطقة الرويسات في المتن الشمالي، فما الذي طرأ على المشهد الأمني في هذه المناطق؟ وهل أصبح مسموحاً اليوم ما كان ممنوعاً بالأمس، أم أن القرار السياسي صدر رسمياً ووفى حزب الله بوعوده والتزاماته مقدماً كل الدعم الى الأجهزة الأمنية؟.

عن هذا التطور اللافت، تكشف مصادر أمنية متابعة أن ما تحقق أمنياً هو ثمرة تنسيق أمني بين الأجهزة الأمنية ومسؤولي حزب الله، لقد أعطيت التعليمات الأمنية ومن المراجع العليا للضرب بيد من حديد، "وما إن تواصلنا مع مسؤولي الحزب، حتى أبدوا كامل تجاوبهم وتعاونهم وإستعدادهم للمساعدة، خصوصاً لناحية مدّنا بما لديهم من معلومات ساهمت في إنجاح عمليات الدهم التي نفذناها ولم تنته بعد".

وعن هذا التعاون أيضاً، يروي مصدر مقرب من حزب الله، أن " الأخير بإمكانه دائماً تقديم المساعدة الأمنية، ولكن من غير الوارد ضمن هذه المساعدة، أن يقوم هو بدور الأجهزة الأمنية وأن يداهم مطلوباً في البقاع أو في الضاحية، لأن ذلك يدخله بمواجهة لا يريدها مع جمهوره وتحديداً مع العشائر التي ينتمي اليها هذا المطلوب أو ذاك". المصدر المقرب من الحزب يجزم بأن المداهمات التي تحصل اليوم في المناطق المحسوبة على جمهور المقاومة، لم تكن تنفذ سابقاً بسبب القرار الذي كانت تفتقده القوى الأمنية، وليس بسبب فيتو من الحزب على هذه المنطقة أو تلك أو على هذا المطلوب أو ذاك، وهذا ما يجب أن يكون واضحاً وضوح الشمس للرأي العام ".

في الخلاصة، فُتحت صفحة أمنية جديدة لا سيما مع تجار ومروجي المخدرات ومطلقي النار وعصابات الخطف مقابل فدية، وما أكثر هؤلاء لا سيما في البقاع. صفحة يلعب فيها حزب الله دوراً بارزاً، فهل ستؤدي الى إستبدال صورة الفلتان الأمني القائم في بعلبك الهرمل، بأخرى آمنة تتمناها الأكثرية الساحقة من أهالي المنطقة منذ سنوات وسنوات؟.