دقّ رئيس مصلحة الابحاث العلمية الزراعية الدكتور ​ميشال افرام​ ، ناقوس الخطر مجددا، ناشرا تقريرا جديدا عن التغيير المناخي ونقص ​المياه​ و​التلوث​، واكد أن "في ​مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية​ كل أنواع المختبرات المتخصصة ذات الصدقية العالمية، فكفى قولا إن الدولة لا تملك مختبرات وأن هذه المواضيع جديدة لا علم لأحد بها".

وشدد افرام في تصريح على ان "​لبنان​ تخطى حافة الخطر وتجاوز الخط الأحمر، وقد يصل إلى نقطة اللاعودة للأسباب التالية: التغيير المناخي، بحيث أن نقص ​الأمطار​ و​الثلوج​ أصبح واقعا صعبا، بالرغم من الأمطار الأخيرة المتأخرة التي لا تؤثر على مخزون المياه، ولقد تخطينا كل الحدود. معدل الأمطار لعدة سنوات أقل من المعدل السنوي، الثلوج أقل، وأنماط الأمطار غزيرة في زمن قصير، مما يتسبب بسيول".

واضاف اننا "نعاني نقص المياه السطحية ونقصا في المياه الجوفية التي انخفض مستواها بشكل دراماتيكي في مختلف المناطق، ولأن هذه المياه هي ضرورية للمستقبل وعلينا الحفاظ عليها، يتوجب إيقاف حفر الآبار، خصوصا تلك التي تتجاوز 150 مترا عمقا. (حاليا يتم حفر عشرات الأبار) تجميع مياه الأمطار في برك، سدود صغيرة، حفر آبار في مجاري ​السيول​ ومياه الأمطار وتركها مفتوحة (مع حماية من التلوث والأتربة والحجارة) لكي تسمح لمياه الأمطار والسيول بتغذية المياه الجوفية. ترشيد استعمال المياه في المدن، ​المصانع​ و​الزراعة​".

ودعا افرام اللبنانيين الى فهم مفاعيل التغيير المناخي للتعامل معه مستقبلا وفهم أن المياه مادة ثمينة جدا لا يتوجب تلويثها وهدرها.

واكد انه "بالرغم من كل النفي الصادر عن مراجع كثيرة، فإن مياه لبنان بمعظمها ملوثة بنسب متفاوتة، تلوثا جرثوميا وكيميائيا وبالمعادن الثقيلة (خصوصا الزئبق)"، لافتا الى أن المصلحة قامت بمسح لنوعية المياه في كل المناطق اللبنانية، وللأسف جاءت النتائج كارثية بحيث قد يصل التلوث إلى حدود 100%، وفي أغلب الأحيان نجد الملوثات الثلاثة المذكورة أعلاه. ليس هناك نهر أو نبع أو منطقة بمنأى عن هذا التلوث، ليس الليطاني وحده والبقاع وحده، بل الشمال، عكار، الساحل، الجبل، الجنوب، كل قطرة مياه يتوجب فحصها لأنها قد تكون ملوثة".

وشدد على أنه "لا ينفع القيام بتنظيف مجاري الأنهر الملوثة قبل القيام برفع كل التلوث عنها، أي محطات تكرير للمياه المبتذلة، منع رمي ​النفايات​ الصلبة والسائلة والزراعية والصناعية، منع مياه المعامل الصناعية على أنواعها قبل معالجتها. وقامت المصلحة بدراسات أكدت أنه يمكن استعمال المياه المتأتية من تكرير مياه المجاري في الزراعة ويمكن ضخها إلى الأنهر".

ويوضح أن "هذا التلوث يصيب الجميع: المنازل، ​المدارس​، المعامل، المطاعم، ​المستشفيات​، المؤسسات، الزراعة، ​الصناعة​. فالمياه الملوثة أصبحت العامل الأساسي للتلوث في حياتنا. وإذا كانت كميات المياه تتضاءل ومفعول التلوث يزداد، فإن مستقبل نوعية المياه أسود، أسود، أسود. فالآبار تحفر لضخ المجارير فيها، والأنهر تستعمل للمجارير والمياه المنزلية والنفايات الصناعية والزراعية على مختلف أنواعها، والأخطر هو التلوث بالمعادن الثقيلة مثل الزئبق، والكاديوم، والرصاص".

وكشف أن "ليس هناك مكان واحد على الشاطئ خال كليا من التلوث، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، إنما هناك أماكن أقل تلوثا من غيرها. فالجميع يعلم أن مجارير الساحل والجبال تصب كلها في البحر، هذا دون التطرق إلى النفايات".

ويذكر بأن مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية أجرت فحوصا جرثومية وكيميائية ومعادن ثقيلة على عصارة النفايات، فتبين وجود معادن ثقيلة (زئبق، رصاص...) وملوثات كيميائية وملوثات جرثومية وصلت إلى 3.1023 جرثومة بالملم المربع (أي أنها قنبلة جرثومية). فمياه البحر، مثل باقي المياه ملوثة جرثوميا، كيميائيا وبالمعادن الثقيلة (الزئبق، الرصاص...).

واوضح افرام أنه نتيجة استعمال مياه المجارير والمياه الملوثة، والإكثار من استعمال الأسمدة و​الأدوية​ الزراعية (قسما منها ممنوع عالميا ومهربة)، تبين تراكم للمواد الكيميائية وللمعادن الثقيلة في التربة التي بمعظمها ثقيلة أي أنها تحتفظ بالملوثات لفترة طويلة، وكذلك في الخضر وغيرها، حيث تبين بعد التحليل المخبري وجود 34 ضعفا من الكروم والكاديوم في البقدونس والنعنع المرويين من مياه الأنهر الملوثة.

من المعروف أن المواد الغذائية المستوردة مصنعة أو حيوانات حية يتوجب أن تخضع للفحوص المخبرية، إنما هذا الموضوع، وفق افرام، "هو عرضة لتساؤلات ولتجاذبات كثيرة في ظل عدم التشدد في ضبط المعابر الحدودية، إضافة إلى اعتماد مختبرات خاصة لا صدقية لها ومشكوك بتائجها، وهذا ما يتسبب بظهور جراثيم مثل السالمونيللا والليستيريا أو مواد كيميائية مثل السموم الفطرية وغيرها. والمثير للعجب أنه عندما تصدر عن مختبرات الفنار أي نتيجة تظهر عدم مطابقة العينات للمعايير اللبنانية أو المعتمدة في لبنان، تقوم الدنيا وتقعد في سبيل تغيير النتائج أو إعادة الفحص مع استبدال العينات! وهذا ما ترفضه المصلحة على الإطلاق".

ويختم افرام بالاشارة الى ان "لقد قررت التحدث عنها لأنني أعتبر أنه من واجبي أن أشرح للمواطن اللبناني الخطر الذي يهدد حياته ومستقبله: هذه من أولى مسؤولياتي. هذه النقاط خطيرة جدا على حياتنا لذا يتوجب إعلان "حالة طوارئ مائية، بيئية، صحية وغذائية".