أصدر رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ تعميماً يتعلّق بـ"وجوب التقيّد بأحكام المادة 64 من ​الدستور​ في معرض تصريف الأعمال بعد اعتبار الحكومة مستقيلة".

وفي التفاصيل، لفت نصّ التعميم، إلى أنّه "بما أنّ المادة (64) من الدستور تنصّ في البند (2) منها على أنّ "لا تمارس الحكومة صلاحيّاتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلّا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال"، وبما أنّ، بالمفهوم التقليدي الّذي حدّده الإجتهاد الإداري، يقتضي التمييز بين نوعين من الأعمال الإدارية:

1- الأعمال الإدارية التصرفية الّتي لا تدخل في نطاق تصريف الأعمال، وهي الأعمال الّتي ترمي إلى إحداث أعباء جديدة أو التصرّف باعتمادات هامّة أو إدخال تعديل جوهري على سير المصالح العامة وفي أوضاع البلاد السياسية والإقتصادية. وهذه الفئة من الأعمال تخرج بطبيعتها عن نطاق الأعمال العادية، ولا يجوز لحكومة مستقيلة، من حيث المبدأ، أن تقوم بها باستثناء ما تعلّق منها بتدابير الضرورة الّتي تفرضها ظروف إستثنائية تتعلّق بالنظام العام و​أمن الدولة​ الداخلي والخارجي، وكذلك الأعمال الإدارية الّتي يجب إجراؤها في مهل محدّدة بالقوانين تحت طائلة السقوط والإبطال.

2- الأعمال الإدارية العادية الّتي تدخل في نطاق تصريف الأعمال. وهي الأعمال الإدارية اليومية الّتي يعود للسلطة الإدارية المختصّة إتمامها، ويتعلّق اجراؤها في الغالب على موافقة تلك السلطة وتقوم الوحدات الإدارية المختصة بتحضيرها. وهذه الأعمال لا يمارِس عليها الوزراء عادة سوى إشراف محدود.

وبما أنّ اعتماد نظرية "تصريف الأعمال بالمعنى الضيق" في المادة (64) من الدستور من شأنه أن يحدّ كثيراً من المفهوم المكرّس اجتهاداً للأعمال الإدارية العادية المذكورة أعلاه، وبالتالي فهو يقلّص من الأعمال والقرارات الّتي كان من الممكن اعتبارها تدخّل في نطاق تصريف الأعمال، لو لم تحدّها المادة (64) من الدستور بالنطاق الضيق. وبما أنّه، واستناداً إلى أحكام المادة (64) من الدستور، فإنّ ما يدخل في نطاق تصريف الأعمال هي تلك القرارات الّتي من شأن عدم اتخاذها أن ينتج عنه فراغ كامل أو تعطيل لكلّ أعمال السلطة التنفيذية ووقف لإدارة مصالح الدولة العامة، وكذلك يدخل في نطاق تصريف الأعمال التصرفية الّتي تجد مبرّراتها في حالة الضرورة والظروف الإستثنائية وتأمين الأمن والنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وتلك الّتي يحتمل سقوطها إن لم تتّخذ في مهلة محدّدة بالقوانين".

وأشار إلى أنّه "بما أنّ كلّ عمل أو قرار إداري يخرج عن ما تقدّم أعلاه، أو يتجاوز حدوده، يعتبر باطلاً لمخالفته القانون، مع ما يترتّب عن ذلك من مسؤوليات على مختلف المستويات، لذلك،

أوّلاً: يطلب الى جميع الوزراء:

1- حصر ممارسة صلاحياتهم خلال فترة تصريف أعمال إداراتهم في نطاق الأعمال الإدارية العادية بالمعنى الضيق المنصوص عليه في البند (2) من المادة (64) من الدستور.

2- في حال اعتبار أنّ ثمة قراراً إداريّاً يدخل في نطاق الأعمال التصرفية الّتي تقتضي الضرورة اتخاذه في خلال فترة تصريف الأعمال، إيداع مشروع القرار ​رئاسة مجلس الوزراء​ للإستحصال بشأنه على الموافقة الإستثنائية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.

ثانياً: التأكيد على مضمون تعميم رئاسة مجلس الوزراء رقم 13/92 تاريخ 4/6/1992 المتضمّن الطلب إلى الإدارات العامة إيداع رئاسة مجلس الوزراء نسخاً عن القرارات الّتي يصدرها الوزراء، واعتبار المدير العام في الإدارة العامة مسؤولاً مباشرة عن هذا الأمر في حال عدم التجاوب أو الإهمال.

ثالثاً: يكلّف كلّ من ​التفتيش المركزي​ و​ديوان المحاسبة​ العمل، كلّ في نطاق صلاحيّاته، على اتخاذ ما يلزم لحسن التقيّد بمضمون هذا التعميم، وإفادة رئاسة مجلس الوزراء، عند الإقتضاء، عن أية مخالفة للقواعد القانونية الّتي ترعى تصريف الأعمال".