يتفادى معظم الفرقاء التعليق على القرار الأخير الذي اتخذه وزير الخارجية في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ بحق ​مفوضية شؤون اللاجئين​، وان كان عدد محدود من النواب والوزراء عارضوا هذا القرار علنا واعتبروه يضع لبنان ككل بمواجهة المجتمع الدولي. وفيما فضل رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، المعني الأول بالملف، عدم التعليق مباشرة على الاجراءات التي اتخذها وزير الخارجية، وكلف بدوره مقربين منه تأكيد رفضه للقرار ودعوته للتراجع عنه، الا ان سياسة الصمت التي ينتهجها باقي الفرقاء تؤشر الى "حرج" في رفض أو قبول "التصعيد الباسيلي"، فلا هم قادرون على تأييد ما قام به ما سيؤدي الى تسجيل نقطة لصالحه، وهذا آخر ما يريدونه، ولا هم قادرون على اعلان رفضهم لهذه الاجراءات نظرا الى الضغوط الشعبية الكبيرة التي يتعرضون لها نتيجة مزاحمة اليد العاملة السورية لتلك اللبنانية والدعوة المستمرة لايجاد حلّ نهائي لأزمة اللجوء.

وان كان تيار "المستقبل" يجد نفسه مضطرا لاعلان رفضه أقله لشكل الاجراء، لاعتبارات عديدة، أبرزها ما يعتبره تخطٍّ لصلاحيات رئيس الحكومة، يبدو الحزب "التقدمي الاشتراكي" أبرز المعترضين على قرار باسيل وعلى كل سياسة "التيار الوطني الحر" في موضوع ​النزوح السوري​، فهو لم يغير موقفه قيد أنملة منذ تفاقم أزمة النزوح بخلاف "القوات اللبنانية" التي انتقلت مؤخرا لاعتماد سياسة جديدة تدفع باتجاه عودة سريعة للنازحين بالتنسيق مع ​الأمم المتحدة​. وتقول مصادر قواتية في هذا المجال: "نحن أول طرف سياسي شدد على ان قرار اعادة النازحين الى بلادهم قرار سيادي لبناني لا يستطيع احد التدخل فيه، ولا نزال عند موقفنا هذا"، مجدّدة الطلب من الجهات والمنظمات الدولية المعنيّة مساعدة لبنان لتنفيذ هذا القرار، "باعتبار اننا نعي تماما ان قرارا مماثلا لن يكون قابلا للتطبيق من دون التعاون الايجابي وبنّاء مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لتأمين عودة آمنة للنازحين".

ويتلاقى كل الفرقاء على مبدأ "العودة الآمنة والسريعة"، الا ان مقاربة هذه العودة من حيث الآلية الواجب اعتمادها تختلف تماما. وتؤكد مصادر مقربة من حزب الله ان موقفه واضح منذ البداية في هذا الملف ويتحدث عن "عودة آمنة وطوعيّة للنازحين، خاصة بعدما بات وباعتراف العالم كله القسم الاكبر من المناطق السوريّة آمنا، ما يعني ان لا مبرر على الاطلاق لتأخير هذه العودة".

وتعبّر المصادر عن أسفها لـ"وجود فرقاء في الداخل والخارج كانوا ولا يزالون يستخدمون النازحين كمادة سياسية، فيضغطون عليهم من خلال وسائل متعددة ابرزها المساعدات الانسانية لضمان بقائهم في لبنان". وتضيف المصادر: "لا مبرر على الاطلاق للاجراءات التي تتخذها ​الامم المتحدة​ ومؤسّسات دولية لتأخير العودة، كما ان كل الذرائع والمبررات التي يتحجّجون بها غير صحيحة، خاصة وان ​الدولة السورية​ أعطت ضمانات كثيرة للعائدين ولذلك شهدنا مؤخرا على أكثر من عملية عودة آخرها من ​عرسال​".

بالمحصّلة، يبدو أن القسم الأكبر من الفرقاء اللبنانيين اتخذ قرارا حاسما بوجوب تفعيل عملية العودة، وان كان ذلك سيتم بغياب تفاهم وطني عام وخطّة حكومية واضحة المعالم، لاعتبارات عديدة.