في العلن يردد رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ أنه لا ينوي التنازل عن أي مقعد وزاري سني إلا لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ شرط أن يقايض هذا المقعد بآخر مسيحي، وذلك في تكرار للمقايضة التي حصلت عند تشكيله الحكومة الحالية التي أصبحت حكومة تصريف أعمال بعد إنتهاء ولاية المجلس النيابي السابق وإنتخاب المجلس الجديد. أما في الكواليس التي لا يكشف الحريري عادةً عن مداولاتها، فرئيس الحكومة المكلف يدرك جيداً أن الفيتو الذي يضعه على توزير أحد النواب السنة الفائزين من خارج لوائح ​تيار المستقبل​، وعددهم ١٠، قد يسقط عندما تدق ساعة التأليف أو إذا صحّ التعبير، عندما تأتي ساعة إعلان التشكيلة الحكومية وإصدار مراسيمها ومن ثم أخذ صورتها التذكارية. وفي هذا السياق، تكشف المصادر المواكبة لمشاورات التأليف عن ضغط إستثنائي يمارسه ​حزب الله​ على الحريري بهدف توزير سني محسوب على فريق الثامن من آذار، والإسم الأبرز على هذا الصعيد يعود لنائب طرابلس ​فيصل كرامي​ أو لنائب البقاع الغربي ​عبد الرحيم مراد​، " كل ذلك" تقول المصادر "إنطلاقاً، أولاً من مبدأ ضرورة إحترام نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي أوصلت صناديقها عشرة نواب سُنّةً من أصل ٢٧ لا ينتمون الى تيار المستقبل ولوائحه، لا بل أكثر من ذلك، خاضوا الإنتخابات على لوائح وبتحالفات ومشاريع، قائمة على مخاصمة التيار الأزرق، وثانياً إنسجاماً مع طريقة تعاطي الحزب مع حلفائه وعدم تخلّيه عنهم ووقوفه الى جانبهم حتى في أصعب المعارك، فكيف بمعركة كهذه، مطلبهم فيها هو أكثر من محق، كونهم حصلوا على ثلث الحصة النيابية التي خصصها الدستور للطائفة السنية". هذا الضغط الذي يمارسه حزب الله على الحريري تكشف المعلومات أنه يحصل بطريق غير مباشرة، أي بمعنى آخر أن الحزب لا يطالب علناً أو عبر وسائل الإعلام بتوزير نائب سني محسوب على ما كان يعرف بفريق الثامن من آذار، بل تارةً عبر رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ وهو المكلف من قبل قيادة الحزب بالتفاوض على الحصة الوزارية الشيعية، وتارةً أخرى عبر كل من يسأله من المفوضين والمعنيين بالشأن الحكومي، أما السبب، فيعود الى قرار حزبي متخذ على أعلى المستويات في حزب الله، بعدم التدخل مباشرة بالحصة الوزارية السنية لعدم إستفزاز أي شارع، ودفع الذين كانوا يمارسون التحريض واللعب على هذا الوتر سابقاً الى العودة من جديد الى لعبتهم.

حتى لو هرب الحريري من إعطاء سُنّة الثامن من آذار مقعداً وزارياً وذلك عبر إعطاء المقعد الى الكتلة التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نحيب ميقاتي، وهي كأس مُرّة على قلب الحريري أكثر من توزير كرامي ومراد نظراً الى حسابات وإعتبارات طرابلسية، فذلك لن يرضي الفريق الذي يمثله الحزب ومعه ​حركة أمل​، اللذان قطعا الطريق على أي شيعي بخرق لوائحهما في الإنتخابات، ونسفا بدعمهما لحلفائهم السنة، حصرية التمثيل السني لتيار المستقبل، لذلك، لن تكون الحصة السنية كاملةً لفريق الحريري، ولن يتنازل فقط كما يقول عن مقعد للرئيس عون، بل عن أكثر من مقعد، والتطورات المقبلة كفيلة بإثبات هذا التنازل.