يراهن الكثير من اللبنانيين على اللقاءات التي سيعقدها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ في موسكو، خلال حضوره إفتتاح بطولة كأس العالم، للمساعدة في حلحلة العقد التي تواجه تأليف الحكومة، لا سيما أن البعض يربطها بالموقف السعودي من التطورات التي حصلت بعد النتائج التي أفرزتها ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، بينما من المتوقع أن يكون اللقاء الأبرز مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

في لعبة "الصدف"، من الممكن إستبعاد وقوع عدوان إسرائيلي على لبنان، بسبب غياب المنتخب الإيطالي عن هذه البطولة، لا سيما مع الترابط بين فوز إيطاليا بكأس العالم والإعتداءات الإسرائيلية، كما حصل في العام 1982 وفي العام 2006، لكن ولادة الحكومة تتطلب لقاء بين الرياض وطهران، بينما إجتماع المنتخبين الإيراني والسعودي في مباراة واحدة يتطلب "معجزة"، حيث أن هذا الأمر يفترض أن يحل واحداً منهما في المرتبة الأولى ضمن مجموعته، على أن يحل الثاني في المرتبة الثانية ضمن مجموعته، كي يكون اللقاء في الدور 16، أو وصولهما معاً إلى المباراة النهائية، مع العلم أن تداعيات مثل هذه المواجهة قد لا تكون إيجابية محلياً، بسبب الإنقسام الذي ستتركه.

وبعيداً عن هذا الربط بين تشكيل الحكومة والمهرجان الكروي العالمي، لا تزال العقد الحكومية على حالها، حيث لم تنجح المشاورات القائمة في معالجة أي منها، في ظل إصرار كل فريق على مطالبه، سواء بالنسبة إلى الخلاف بين حزب "القوات اللبنانية" و"​التيار الوطني الحر​"، أو بالنسبة إلى أزمة تمثيل رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" وزير الدولة لشؤون المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال طلال أرسلان، بينما الصراع على التمثيل السني قد يكون هو العقدة الأصعب، في ظل رفض تيار "المستقبل" تمثيل القوى والشخصيات التي تدور في فلك قوى الثامن من آذار، بينما التصور الأولي الذي قدمه الحريري إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتطلب المزيد من البحث.

وفي حين تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن كل عقدة من هذه العقد يتطلب حلّها جهوداً جبارة وتنازلات غير متوقعة حتى الساعة، تلفت إلى أن الخلاف المستجد حول كيفية التعاطي مع المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين، بسبب أزمة النازحين السوريين، قد ينضمّ إلى قائمة العراقيل، خصوصاً مع إرتباط هذا الملف بالمواقف والتطورات الإقليمية والدولية، بينما الإنقسام اللبناني حوله واضح بين "التيار الوطني الحر" و​تيار المستقبل​".

وفي الوقت الذي تتحدث فيه هذه المصادر عن أن لائحة العقد تتخطى الساحة المحلية، حيث القلق السعودي من الخلل في التوازن بعد الإنتخابات النيابية، الأمر الذي يدفعها إلى العمل على "لملمة" قوى الرابع عشر من آذار، وفتح قنوات إتصال مع قوى أخرى، مثل رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط، بالإضافة إلى دعمها مطالب "القوات" بالحصول على كتلة وزارية وازنة، تشير إلى أنها قد تطالب أيضاً بتمثيل كتلة "الوسط"، التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، كون صوت الوزير الذي سيمثله سيكون إلى جانبها في القضايا الكبرى، بينما رئيس الحكومة المكلف لا يفضل هذا الأمر لحسابات خاصة متعلقة بالتنافس على الساحة الطرابلسية بشكل أساسي.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المصادر نفسها أن الموقف الذي صدر عن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، قد يدفع الرياض إلى التشدد أكثر في موقفها، لناحية تأكيده ما تتخوف منه، عبر قوله أن "حزب الله" تحول من "حزب مقاومة" إلى "حكومة مقاومة"، الأمر الذي لم يستسيغه حلفاء الحزب أنفسهم، خصوصاً "التيار الوطني الحر" الذي يفضل البقاء بعيداً عن لعبة المحاور الإقليمية، في ظل تحالفه مع "حزب الله" و"تيار المستقبل" معاً، مع العلم أن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد كان قد أعلن، في موقف مخالف لموقف سليماني، أن الأكثرية النيابية باتت متجولة بحسب أهمية القوانين والاقتراحات.

في المحصلة، بعد فشل الرهان على عطلة عيد الفطر لإنجاز التشكيلة الحكومية، بات الرهان اليوم على اللقاءات التي ستعقد على هامش إفتتاح كأس العالم في روسيا، إلا أن الأمور قد تتعقد أكثر في ظل المواقف المحلية والإقليمية المستجدة.