لا تزال "لعنة" الانتخابات تلاحق التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل على مستوى التداعيات والارتدادات التي خلفتها كيفية ادارة العملية الانتخابية من اختيار المرشحين والذي تم وفق "احصاءات" وتصويت داخلي للتيار في المناطق والمنسقيات والذي ادى الى غربلة الكثير من المرشحين الطامحين وفقاً لعدد الاصوات التي نالوها ومنهم لم يقبل بالنتائج وطعن فيها على اعتبار ان معيار باسيل في اختيار الحزبيين هو في مقدار "الولاء لشخصه" اكثر من الجماهيرية الشعبية او الكفاءة الحزبية الامر الذي ولد "انشقاقات" واستقالات واقالات من حزب التيار على خلفية اختيار المرشحين وقبول بعضهم واستبعاد البعض الآخر بالاضافة الى ترشيح عدد كبير من غير الحزبيين تحت مسمى "اصدقاء التيار" و"داعمي العهد".

ورغم ان صفحة الانتخابات قد طوتها معظم القوى السياسية ومنها التيار وباسيل الذي استعاد حرارة العلاقة مع حارة حريك وعبرها الى عين التينة بينما بقي الصدام مع القوات ومسيحيي 8 آذار في مربع التمثيل الحكومي، الا ان شبح التحالفات التي نسجها باسيل مع اصدقاء العهد هي حاضرة اليوم قبيل البدء بمفاوضات التأليف "الجدية" بعد عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من موسكو والرياض الثلاثاء المقبل. فبعد الانتخابات سجل باسيل في رصيده النيابي والحزبي عقد خلوتين الاولى: لتكتل "لبنان القوي" في زحلة الاسبوع الماضي ونوقشت فيه نتائج الانتخابات ووضعت فيه الخطط المستقبلية للعمل البرلماني والحكومي كما "فرز" باسيل بشكل "ضمني" من هي الشخصيات التي ستنال "جنة التوزير" ومنها من لم "يحن" دورها، اذ كان لافتاً وفق اوساط قيادية في التيار توزيع بعض النواب على بعض اللجان الداخلية والبرلمانية وبشكل يضمن "إشغال" اعضاء هذه اللجان بالقضايا التي سيكلفهم بها باسيل وخصوصاً انه يرفع والرئيس ميشال عون لواء مكافحة الفساد ويريدان ان تكون السنة الثانية للعهد وعلى مشارف نهايتها ذات جدوى ومعنى حقيقي في كسر "التابو" ودخول مغارة الدولة الفاسدة وكسر مداميكها. وتلمح الاوساط الى ان حجم العمل الذي سيكلف به رؤساء اللجان مع اعضائها سيكون كافياً لتعبئة وقت هؤلاء النواب بما يفيد ويبعدهم عن الهم الحكومي وشجونه والذي سيكلف به اناس آخرون لم يحددهم بعد باسيل، رغم ان التداول الضيق داخل التيار يشير الى بقاء الخارجية والطاقة والدفاع من حصة الرئيس والتيار من دون الجزم بهوية شاغليها مع ترجيح بقاء باسيل في الخارجية وسيزار ابي خليل في الطاقة، ويتردد اسمي النائبين نعمة افرام وشامل روكز ليكونا من الوزراء الجدد للتيار والعهد.

اما الخلوة الثانية فعقدت منذ ايام وشملت حزب التيار الوطني الحر بهيئتيه المركزية والسياسية والتي عادة ما تجتمع دورياً مرة كل شهر وكان اجتماعها منذ ايام كجردة حزبية وسياسية وتنظيمية كل فترة الانتخابات وقبلها وخلالها وما بعدها بالاضافة الى إتخاذ اجراءات مسلكية وتنظيمية بحق بعض المخالفين واقالة وفصل شخصيات اثارت الجدل وترشحت الى الانتخابات رغماً عن ارادة باسيل وكانت اتهمته والفريق المقرب منه بترجيح خيار ترشيح بعض الشخصيات غير الحزبية على حساب الحزبيين ما اثار موجة من الغضب والاستقالات الواسعة من ممارسات باسيل بالاضافة الى اقالات بالعشرات للمعترضين.

وخلال هذه الجردة تطرقت لجنتا التيار الى ملف التوزير وخصوصاً لجهة المطالبة الواسعة من القاعدة الشعبية والحزبية للتيار بتوزير الحزبيين والملتزمين بالتيار منذ تأسيس الحزب ولهم تاريخ مشهود في "النضال" مع الرئيس عون وباسيل والتيار.

وتؤكد الاوساط القيادية ان التوجه الغالب في الملف الحكومي لباسيل سيكون في استبعاد الوجوه غير الحزبية عن التوزير من حصة التيار والذهاب الى خيارات اخرى غير التي شغلت وزارات في حكومة الحريري التي تصرف الاعمال اليوم. ويتردد هنا ان التغيير سيطال كل من وزير البيئة طارق الخطيب والذي لم يرض اداؤه لا التيار والا العهد كما فجر اعتراضات في صفوف خصوم التيار وعموم اللبنانيين لعقم الخيارات التي اعتمدها في معالجة ازمة النفايات وسوء ادارته للملف بالكامل. وهو امر كان سيعرضه للاقالة والتبديل منذ 5 اشهر وبعدد فك السعودية قسراً وتحت الضغط لاسر الحريري من الرياض وحكي وقتها ان باسيل والحريري سيعمدان الى اقالة وزراء لهما في الحكومة واستبدالهما بالاضافة الى تطويق القوات وعزلها لدورها في احتجاز الحريري. كما شكل سوء اداء وزير الدفاع يعقوب الصراف وعدم الانسجام مع قائد الجيش جوزاف عون لدرجة التصادم بينهما ، إزعاجاً للرئيس وباسيل منه. كما ظهر اداء وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري وفق الاوساط هزيلاً و"فلكلورياً" ولم يستطع تحقيق اي انجاز يذكر. اما الوزير الذي طاله العدد الاكبر من الانتقاد من خارج التيار وداخله فهو وزير العدل سليم جريصاتي الذي امعن وفق المعلومات تدخلاً في الجسم القضائي الى درجة تفجير ازمة كبيرة من اعتكاف القضاة الى اتهامات له بتسييس القضاء والتدخل فيه لتطويعه.

لهذه الاسباب تؤكد الاوساط ان القاعدة الحزبية للتيار اليوم تريد ان تكون الحكومة الجديدة على شاكلة العهد قوية ومحافظة على مبادىء العهد التي رفعها في خطاب القسم. وهي ترى ان على باسيل ان يختار من بين الحزبيين المشهود لهم بكفاءتهم ويمكن محاسبتهم ومراقبة اعمالهم من خلال نظام الحزب لا ان يكون مستقلاً وغير "منضبط" ومتقيد بقوانين التيار، فالمطلوب في المرحلة المقبلة ان يتصدر التيار الحرب على الفساد قولاً وفعلاً وليس عبر المنابر والشعارات والسجالات الداخلية.