مع إنتهاء عطلة عيد الفطر وعودة رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ من عطلته، يعود الحديث عن التشكيلة الحكومة المنتظرة، لا سيما أن التوقعات كانت تشير إلى أنها ستكون سريعة، في حين يبدو أن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ليس في وارد الإنتظار طويلاً.

قبل سفره إلى موسكو ومن ثم إلى الرياض، كان رئيس الحكومة المكلف قد قدم إلى رئيس الجمهورية تصوراً حول القوى "الأكثر تمثيلاً"، أي "​التيار الوطني الحر​" و"​القوات اللبنانية​" وتيار "المستقبل" و"​حزب الله​" و"​حركة أمل​" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​". وعلى الرغم من هذا التصور لم يرض مختلف الأفرقاء، بحسب ما تسرّب، بسبب عدم الإتفاق على حصة "القوات" بشكل أساسي، يبدو أن أمام الحريري أكثر من عقبة على مستوى "الأقل تمثيلاً".

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن العقد الحكومية، بالنسبة إلى "الأقل تمثيلاً"، ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، بالرغم من أن الحريري يعتبر أن تجاوزها ليس بالأمر الصعب، في حال إتفاق الكتل الكبرى على الحصص والتوازنات، نظراً إلى أنها لا تملك الأكثرية التي تحول دون نيل الحكومة على الثقة، ولا الوزن السياسي الذي يعيق التأليف.

على هذا الصعيد، تلفت هذه المصادر إلى أنه يمكن الحديث عن أزمة تمثيل الأرمن، حيث من المفترض أن يحصل حزب "الطاشناق"، الذي لديه كتلة نيابية من 3 أعضاء، على وزير في الحكومة، إلا أنه يطالب بأن يتمتع الوزير الثاني بمرجعية أرمنيّة، في حين أنه في الحكومة الحالية كان بمثابة "جائزة ترضية" لرئيس الحكومة، من خلال وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، بينما باقي الوزراء الأرمن (بولا يعقوبيان، جان طالوزيان، ادي دمرجيان) لا ينضوون ضمن كتلة واحدة، وبالتالي لا يمكن لهم المطالبة بأن يكون الوزير الثاني من حصتهم.

بالتزامن، يأتي الحديث عن أزمة تمثيل كتلة "الوسط"، التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، حيث تشير هذه المصادر إلى أنه، وفق مبادئ التشكيل التي يتم الحديث عنها، من المفترض أن تتمثل هذه الكتلة بوزير، إلا أن رئيس الحكومة المكلّف لا يفضّل هذا الأمر لحسابات خاصة على المستوى الطرابلسي، لا سيما من المرجح أن يكون ذلك على حساب الحصّة السنيّة، مع العلم أن هذه الكتلة تضم نائبين مسيحيين: جان عبيد (ماروني)، نقولا نحاس (روم أرثوذكس).

بالإضافة إلى هؤلاء، لم تحسم حتى الآن معضلة تمثيل النواب السنة الذين يدورون في فلك قوى الثامن من آذار، بالرغم من عدم إتحادهم ضمن كتلة واحدة، حيث يطالب هؤلاء بأن يتمثلوا بوزير واحد على الأقل، من المفترض أن يكون النائب عبد الرحيم مراد أو النائب فيصل كرامي، بينما يُصر تيار "المستقبل"، حتى الآن، على رفض هذا الأمر، إلا أن المصادر المطلعة تؤكد أن هذه العقدة متوقفة عند موقف حلفاء هؤلاء النواب، "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر"، أي مدى إصرارهم على تمثيلهم، لا سيما مع إحتمال إرتفاع عددهم، في حال قبول الطعن المقدم من المرشح عن دائرة طرابلس-المنية-الضنية طه ناجي.

على المستوى الحزبي، تبرز أزمة تمثيل كل من حزبي "الكتائب" و"السوري القومي الإجتماعي"، نظراً إلى أن كل منهما يمتلك كتلة من 3 نواب، حيث تشير المصادر نفسها إلى أن "الكتائب"، الذي يدرك أنه لا يملك ترف فرض شروط على رئيس الحكومة المكلف، يربط مسألة مشاركته بالتوازنات داخل الحكومة، بينما "القومي" يواجه معضلة الصراع على الحصص بين الكتل المسيحية الكبرى، لا سيما أن تمثيله من المفترض أن يكون بوزير مسيحي، نظراً إلى أن كتلته تضم 3 نواب مسيحيين (2 روم أرثوذكس، 1 روم كاثوليك)، خصوصاً أن الثنائي الشيعي يرفض التنازل عن أي وزير لتمثيل حلفائه، حيث كان "القومي" يتمثل بوزير شيعي في الحكومات السابقة.

في الختام، تشدد المصادر نفسها على أن مسألة تمثيل الطائفة العلويّة والأقليّات المسيحية لم تحسم بشكل نهائي بعد، لا سلباً ولا إيجاباً، خصوصاً أن رئيس الجمهورية كان قد قطع وعداً في هذا الإطار لدى تأليف الحكومة الحالية، بالرغم من الطروحات التي قدمت، سواء بالذهاب إلى تشكيل حكومة من 32 وزيراً أو أخرى من 26 وزيراً.