حتى الساعة، لا يزال تيار "المستقبل" يرفض تمثيل النواب السنّة المعارضين له في الحكومة المقبلة، على قاعدة أن هؤلاء لا ينتمون إلى كتلة نيابيّة واحدة يحق لها المطالبة بالحصول على حصة وزارية، لكن ما لم يكن يتوقّعه رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ هو نجاح الإتصالات، الذي بدأت منذ أيام طويلة، في جمع هؤلاء على طاولة واحدة، من خلال اللقاء الذي عقد، أول من أمس، في منزل رئيس حزب "الإتحاد" النائب ​عبد الرحيم مراد​ في بيروت، وضم كل من النواب: ​جهاد الصمد​، ​عدنان طرابلسي​، ​فيصل كرامي​، قاسم هاشم، الوليد سكرية.

بالإضافة إلى هؤلاء النواب الست لا يزال هناك 4 نواب سنّة من غير المذكورين لا يدورون في فلك "المستقبل": بلال عبدالله، الذي ينتمي إلى كتلة "اللقاء الديمقراطي"، ​أسامة سعد​، الذي يرفض أن يكون جزءاً من تكتل أو لقاء مذهبي، نجيب ميقاتي، الذي يرأس كتلة من 4 نواب تطالب بأن يكون لها ممثلاً خاصاً في الحكومة، فؤاد مخزومي، الذي يفضل أن يحافظ على موقعه الوسطي.

من وجهة نظر مصادر مطّلعة على لقاء النواب الستّ، الذين طالبوا بأن يتمثلوا بوزيرين على الأقل، لم يعد لدى رئيس الحكومة المكلف من حجة لعدم تمثيلهم، بعد لقائهم الموحد، وبالتالي عليه كخطوة أولى الإعتراف بوجودهم، طالما أن التوجه هو نحو تشكيل حكومة وحدة وطنيّة جامعة، وتسأل: "لماذا الإصرار على تمثيل مكونات كل طائفة بينما يتم إستثناء السنّة من هذه المعادلة"؟.

وفي حين تشير المصادر نفسها، عبر "النشرة"، إلى أن هذه القضية اليوم بيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، شريك رئيس الحكومة المكلّف بالتوقيع على مرسوم تشكيلها، تلفت إلى أن "التيار الوطني الحر" يُصرّ على تمثيل رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" وزير الدولة لشؤون المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال طلال أرسلان، بالرغم من فوز "الحزب التقدمي الإشتراكي" بـ7 مقاعد درزية من أصل 8، وترى أنه، وفقاً لهذا المبدأ، يصبح من حقّها الطبيعي أن تكون حاضرة على طاولة مجلس الوزراء.

بالنسبة إلى ظروف هذا اللقاء، تؤكد هذه المصادر أن تأخّر الحريري في إنجاز مهمته كان أكبر خدمة لها، حيث سمح لهم بإنجاز الإتصالات اللازمة لعقده، إلا أنها تشدد على أن ليس هناك من خلافات جوهرية فيما بينهم، وبالتالي لا يجب أن يكون هذا الإجتماع محل إستغراب من أي فريق، لا سيما أنه سيتكرر كل ما دعت الحاجة إلى ذلك.

على الضفة المقابلة، لم يتغيّر شيء بالنسبة إلى تيار "المستقبل"، بحسب ما تؤكد مصادر نيابيّة من كتلته عبر "النشرة"، خصوصاً أن هؤلاء النواب الستّة ينتمون، في معظهم، إلى كتل نيابية ستكون ممثلة في الحكومة المقبلة: قاسم هاشم عضو في كتلة "التنمية والتحرير"، الوليد سكريّة عضو في كتلة "الوفاء للمقاومة"، فيصل كرامي وجهاد الصمد عضوان في "التكتل الوطني"، وبالتالي يبقى من هذا اللقاء نائبان فقط لا ينتميان إلى أي كتلة، هما عبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي، وتسأل: "هل من الممكن القبول بهذا المعيار في تشكيل الحكومة"؟.

وتشدد هذه المصادر على أن رئيس الحكومة المكلف واضح منذ البداية في عملية التكليف، وهو يسعى إلى معالجة مختلف العقبات التي تحول دون ولادة الحكومة، وبالتالي لا يمكن "خلق" أخرى قد تساهم في تعقيد مهمته أكثر، وتؤكد بأنه ليس في وارد تقديم أي تنازل على هذا الصعيد، وتضيف: "في الأصل لم نكن في وارد منح هؤلاء النواب لمقعد وزاري واحد، بينما هم اليوم باتوا يطالبون باثنين"، وتعرب عن ثقتها بأن إختيار أحدهم دون سواه سيؤدّي إلى "فرط" هذا اللقاء في اليوم الثاني لولادة الحكومة، في حين تؤكّد أن التوجه هو لتكرار تجربة حصول رئيس الجمهورية على وزير سنّي مقابل حصول رئيس الحكومة على مسيحي.