أكد ​السيد علي فضل الله​ ، خلال خطبة صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، أنه "في لبنان لا يزال اللبنانيون ينتظرون ولادة حكومة تلبي طموحاتهم وأحلامهم على تواضعها، فبرغم التصريحات المتفائلة، فإنّ عجلات التأليف لم تتحرك بعد، أو هي لم تتحرك بالسرعة المطلوبة، إما لكوابح داخلية، بفعل الشروط والشروط المضادة، أو لكوابح خارجية يجري الحديث عنها، وإن كنا نميل إلى أنّ كوابح الداخل تبقى الأساس في هذا التأخير، بل هي السبب فيه".

وأشار الى أنه "أياً تكن هذه العقبات، فإنَّنا نجدّد دعوتنا للقوى السياسيَّة إلى أن تفي بوعودها للَّذين أوكلوا إليها إدارة شؤونهم وحمَّلوها المسؤوليّة، بأن يسارع الجميع إلى تذليل عقبات الداخل، وهي قابلة للتذليل، إن كانت هناك رغبة فعلية بتعجيل التأليف، وأن يعملوا من خلال مواقعهم لتذليل عقبات الخارج إن وجدت، للوصول بالبلد إلى حكومة نريدها أن تكون حكومة وحدة وطنية، الأمر الذي تحتاجه المرحلة، حيث تشتدّ ضغوط الداخل من خلال الحديث المتزايد عن الواقع الاقتصادي والمالي المترهّل والأزمات المستعصية التي تثقل كاهل المواطن، والضغوط المتزايدة من الخارج، أو انعكاسات ما يجري في محيطه عليه".

كما اعتبر أن "خروج البلد من كلِّ أزماته والتّحديات التي تواجهه، لن يتحقّق إلا عندما تخرج القوى السياسية من أجنداتها، حيث لكلّ أجندته الداخلية أو الخارجية، ونحن لا نمانع أن يكون لكلٍّ أجندته، ولكن ليس على حساب إنسان هذا الوطن"، لافتاً الى أنه "على القوى السياسية أن تكون أمينة على آمال هذا الشعب وطموحاته، فلا تحمّله العواقب الكارثية لخلافاتها أو لصراع المصالح فيما بينها".

وتابع بالقول انه "من جهة ثانية، فقد تكرّرت في الأسبوع الفائت الحوادث الأمنية في ​البقاع​، والتي هزَّت أمنه وأزهقت أرواح العديد من الآمنين فيه، وهي تضاف إلى حوادث تكرَّرت في السابق على شكل خطف وسرقة وقتل، مما لم يعد يطاق في هذه المنطقة العزيزة من لبنان"، منوهاً الى "اننا أمام هذا الواقع المؤسف، لا بدّ من أن نؤكّد أن ما جرى وما يجري ليس طابع أهالي هذه المنطقة ولا صورتهم، بل هو فعل مجموعة ليسوا من سنخها، بل هم عبء عليها وعلى استقرارها، وقد يكونون أداة لمن لا يريدون لهذه المنطقة الاستقرار".

ودعا فضل الله مع أهالي هذه المنطقة، إلى "إيجاد حلٍّ جذريٍّ ينهي هذا الواقع الشاذ، بأن تفرض الدولة هيبتها وتتحرك بكل فعالية، حيث لا بديل عنها، وهذا لا يعني أن تترك القوى الأمنية وحدها في الميدان، بل لا بد من أن تساند وتؤازر بتعاون جديّ من القوى السياسية والحزبية والفعاليات الاجتماعية والعشائرية، منعاً لأي تداعيات قد تخشى الدَّولة منها"، مشددا على أنه "من حقِّ البقاع على دولته أن تقوم بمسؤولياتها تجاهه في حماية أمنه واستقراره، لا أن يترك فريسة للمعاناة التي يعيشها أبناؤه وتهدّد أرزاقهم وممتلكاتهم وأرواحهم، وهو الَّذي لم يبخل طوال تاريخه على الدَّولة، وقدَّم فلذات أكباده للمؤسسة العسكرية والأمنية، وكان حاضراً في كل قضايا الوطن، وقدَّم التضحيات الكبرى في ذلك".

وذكر أنه "ننتقل إلى ​فلسطين​، ليس بعيداً من الضغط الصهيوني على الفلسطينيين، يأتي انسحاب ​الولايات المتحدة الأميركية​ من ​مجلس حقوق الإنسان​ التابع للأمم المتحدة، والذي جاء دعماً للكيان الصهيوني، بعدما تجرّأ هذا المجلس على إدانته، إننا نرى في هذا الموقف الأميركي تحفيزاً وتشجيعاً للكيان الصهيوني لكي يواصل انتهاكاته لحقوق الإنسان، وتأكيداً على عدم صدقية شعارات حقوق الإنسان التي تدَّعي أمريكا الالتزام بها"، مشيراً الى أنه "في مجال آخر، نتوقَّف عند ما يجري في ​اليمن​، حيث يستمرّ العدوان على شعب هذا البلد، ويتواصل الاستهداف لإنسانه وبناه التحتية، في حرب بات من الواضح للقاصي والداني أنها لن تنتج حلولاً، ولن تحقّق أهدافها أمام إرادة شعب يرفض التنازل عن كرامته، كما يرفض امتهان إرادته وحريته في بناء وطنه ومؤسَّساته".

كما نوه الى أنه "لقد آن الأوان لأن تتوقَّف هذه الحرب، وأن يفتّش الجميع عن حلول واقعيّة تحفظ لإنسان هذا البلد كرامته، وتؤمن له الحرية في قراره ومستقبله، ولا بدَّ لنا، أخيراً، من أن نتوجَّه بالتهنئة إلى كلِّ الآباء في يوم عيدهم.. الأب الذي يفني حياته ويقدم التضحيات لبناء أسرة وتأمين عيش كريم لها، وهو بذلك يستحقّ تكريم الله له.. إنَّ من حقّه على أبنائه أن يكرَّم ويقدر ويجلّ ويحترم معروفه".

وختم فض الله بالقول "إننا نريد لهذا اليوم أن يكون، كما هو، يوم شكر وتقدير وامتنان وعرفان جميل للآباء، يوم تجديد للمسؤولية، حيث الأعباء تزداد عليهم في الشأن المعيشي أو التربوي والرعائي".