لم ينجر الثنائي الشيعي منذ البداية لأجواء التفاؤل المفرط بامكانية تشكل ​الحكومة​ في اليومين الماضيين التي حاول اشاعتها كل من تيار "المستقبل" و"​التيار الوطني الحر​"، اذ كان يتعامل مع المعلومات المتداولة بكثير من الحذر بانتظار تبيان فحوى المسودة التي حملها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.وقد تبين بعد اطلاع الثنائي على هذه المسودة انها ليست الا عبارة عن "مناورة ومحاولة من قبل الحريري لجس نبض ​حزب الله​ ورئيس الجمهورية، وتبيان ما اذا كانا على استعداد لتقديم التنازلات والتراجع عن مطالبهما وشروطهما لصالح تشكيل سريع للحكومة، الا أن الجواب كان حاسما في هذا المجال ووصله للرئيس المكلف صباح أمس الأحد برفض التوزيع الذي اعتمده للحصص، وبالأخص الرفض المطلق لتغييب ​الحزب السوري القومي الاجتماعي​ وعدم تمثيل النواب السنّة الـ10 الذين لا يدورون في فلك المستقبل".

وبحسب المعلومات، فان مسودة الحريري الأولى خصت "المستقبل" و"القوات" والحزب "التقدمي الاشتراكي" بـ14 مقعدا وزاريا موزعين على أساس 6 للمستقبل، 5 للقوات و3 للاشتراكي، كما حدّدت حصة الثنائي الشيعي و"​لبنان القوي​" والحلفاء بـ15 موزعين على اساس 6 لأمل–حزب الله، 6 للتيار، مقعد للمردة ومقعد للطاشناق، في وقت اقتصرت حصة رئيس الجمهورية على مقعدين أحدهما سني والآخر مسيحي.

وقد سارع الرئيس عون وحزب الله لرفض مضمون المسودة التي برأيهما لم تأخذ بأي من مطالبهما وشروطهما وبالتحديد لجهة عدم اعطاء مقعد درزي للمير طلال ارسلان،عدم تمثيل النواب السنّة الـ10 وعدم تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي. وقالت مصادر الثنائي الشيعي:"الحريري يُدرك جيدا أنه لن يكون هناك حكومة تعتمد توزيع المقاعد الوزارية كما لو أنه لم تحصل انتخابات نيابيّة أفرزت وقائع جديدة، أبرزها وجود كتلة سنية غير خاضعة له، وأكثرية مطلقة لما يُعرف بمحور المقاومة وحلفائه، وبالتالي فان اصراره على عرض مسودة مماثلة على الرئيس عون يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما اذا كان جديا في سعيه لتسريع تشكيل الحكومة، أو حول ما اذا كان يناور لتحميلنا مسؤولية التأخير بالتشكيل".

وتستبعد المصادر أن تبصر الحكومة النور قريبا، وان كانت تؤكد أن حركة الاتصالات مستمرة، لافتة الى استعداد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتأجيل سفره في حال تأكد من وجود نية حقيقية لتشكيل الحكومة خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة. أما المقربون من الرئيس عون فيؤكدون أن لا شيء حاسم بعد، وأن الاتصالات مستمرة لتذليل العقبات لكن من دون أن يكون هناك نتائج نهائية بعد. وتضيف المصادر:"لا يمكن تحديد ما اذا كان التأليف سيتم قبل أو بعد عودة بري من ايطاليا، فالصورة غير واضحة حاليا".

وتشير مصادر "الثنائي الشيعي" الى انه وبعد الخطوة الحريريّة الأخيرة، يمكن القول أن كل الاحتمالات باتت مفتوحة، فاما يصحح الحريري أخطاءه سريعا فتشكل الحكومة هذا الاسبوع، أو يصرّ على المسودة التي تقدم بها، ما يعني دخولنا في أزمة حقيقية قد تطول حتى نهاية الصيف الحالي، نظرا لاصرار بعض الفرقاء الاقليميين على ربط توزيع الحصص الحكومية في لبنان بتطورات الأوضاع في سوريا واليمن.