لفت رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، في كلمة له خلال افتتاح ​الدورة​ الوزارية الثلاثين للإسكوا، الى أن "هذا الاجتماع هو ظاهرة لافتة ومميّزة في اللحظة الراهنة من تاريخ منطقتنا، تماما مثلما هو لافتٌ ومميّزٌ نشاطُ ​الإسكوا​، منذ تأسيسها وانطلاق عملها من ​بيروت​ قبل أربع وأربعين سنة. فأنتم تجندون قواكم وتسخّرون إمكانياتكم وتستخدمون عقولكم وأفكاركم لرفع مستوى الإنسان بالمجتمعات العربية في الوقت الذي تتضافر فيه قوى الشر لكي تمزق بلداننا وتجعلها رهينة عدم الاستقرار والتطرف وأسيرة الحروب الهمجية وتخيّر نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيمات ​النزوح​".

وأشار الى أن "الدورة تنعقد هذا العام ومحورها التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية، ولا شكّ بأن هذا الموضوع الذي اخترتموه محورا لأبحاث دورتكم هو موضوع حيويّ وملحّ، فلا يمكن إهمال التكنولوجيا ودورها في مسيرة التنمية في منطقتنا العربية"، مشددا على أن "التكنولوجيا ليست في عصرنا ترفاً، أو نشاطا منفصلاً عن التنمية والحياة الاقتصادية، بل هي لاعبٌ رئيسي في التطوّر الاقتصادي والاجتماعي على مستوى العالم بأسره، في البلدان الغنية كما في البلدان الفقيرة أو الدول ذات الدخل المتوسط".

وأكد الرئيس عون أن "​لبنان​ يدرك أهمّية التكنولوجيا ودورها في ​البناء​ الاقتصادي، لذلك فهو يعوّل عليها كثيرا في البرامج التي ننوي صياغتها وتنفيذها في المرحلة الزمنية المقبلة، في إطار التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، الذي نعتبره ممرّا إلزاميا للخروج من ظروفنا الاقتصادية الراهنة"، مبينا أن "التنمية المستدامة تهدف إلى إنقاذ المجتمعات من مشاكلها الراهنة، ​الفقر​ والجوع والأمّية والمرض، وفي الوقت نفسه توفير حياة كريمة للأجيال المقبلة".

وأشار الى "أننا نعيش في لبنان تحديات مشابهة لتحديات التنمية المستدامة من حيث ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل، فنحن مصممون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي انعكست في تراجع مستوى المعيشة والتفاوت غير المقبول بين الفئات الاجتماعية والمناطق"، مضيفا: "فيما لبنان يواجه الظروف الصعبة والاستثنائية، فُرض عليه أن يدفع قسطا كبيرا، يفوق إمكانياته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في المأساة الإنسانية التي نجمت عن ​الحرب السورية​ واضطراب محيطنا الإقليمي بشكل عام".

وجزم الرئيس عون "أننا نتفهّم البعد الإنساني لمعاناة النازحين، ولكنها مشكلة تفوق قدرة لبنان على تحمّل أعبائها، المالية والاقتصادية والأمنية، ونحن مصممون على إيجاد الحلول الضرورية لها، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن"، مذكرا "أننا عزمنا على مواجهة الواقع وصعابه، وقررنا اللجوء إلى التخطيط الفعّال، فوضعنا خارطة طريق تلحظ تجنيد طاقاتنا الوطنية والاستعانة بالخبرات الدولية المشهود لها، ونتوقّع أن تبدأ نتائج هذا العمل بالظهور فور ​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​ وإنجاز بيانها الوزاري".

وأوضح أن "الغاية الرئيسية هي تحويل ​الاقتصاد اللبناني​ من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، وتبرز الحاجة ماسّة إلى رفع مستوى المعيشة، وزيادة نسبة العمالة، واستنفار الطاقات الكامنة وغير المستعملة في الاقتصاد الوطني، لخلق الوظائف وتحفيز النموّ تلحظ برامجنا أولوية تحقيق الإصلاح المالي عن طريق تحصيل كل الإيرادات المشروعة للدولة ووقف الهدر في الإنفاق وزيادة المشاريع والاستثمارات العامّة"، مضيفا: "ليكن معلوماً أن ساعة الحساب مع ​الفساد​ قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدّي على حقوق الدولة".

وشدد الرئيس عون على أن "لبنان يمتلك موقعا مميّزا، وانفتاحا ثقافيا وتجاريا على العالم منذ القدم، ولدى أبنائه، خصوصا ​الشباب​، أكثر من دليل على تفوّقهم ونجاحهم، في بلدهم كما في العالم الرحب، وعندنا مؤسّسات تعليمية مشهود لها وقطاع مالي عريق وقوي وفاعل".