مع تأخر رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ في إنجاز المهمة المطلوب منه، بدأت بعض الأصوات التي تدعو إلى سحب الثقة التي منحت له بالظهور، بالرغم من غياب أي نص دستوري أو قانوني، على عكس ما يروّج له عن إمكانية حصول ذلك من خلال توقيع 65 نائباً على عريضة نيابية، ترفع إلى رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، على أن يتم بعدها القيام بإستشارات نيابية جديدة.

من حيث المبدأ، ليس هناك من وسيلة قادرة على "عزل" رئيس الحكومة المكلّف إلا إعتذاره عن مهمته بنفسه، الأمر الذي، على ما يبدو، ليس من ضمن حسابات الحريري، لكن من الناحية السياسيّة الضغوط قد ترتفع في المرحلة المقبلة، في حال إستمرار الواقع على ما هو عليه، خصوصاً من جانب القوى التي لديها مصلحة في إنجاز التشكيلة الحكومية بأسرع وقت ممكن.

في هذا السياق، تؤكد مصادر قانونية، عبر "النشرة"، أن ليس هناك من نص دستوري أو قانوني يجبر رئيس الحكومة المكلّف على الإسراع في تشكيل الحكومة أو الإعتذار عن المهمة الموكلة له، وبالتالي مهلة التأليف مفتوحة من هذا المنطلق، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أن من الناحية السياسية يفترض أن تكون "معقولة"، إلا أنها تلفت إلى أنّ هذا الأمر لم يعتمد في لبنان بالسابق، بل على العكس درجت العادة أن تأخذ العملية أشهرا طويلة، لا سيما في الفترة التي تلت العام 2005.

وفي حين تشدد هذه المصادر على ضرورة الإنتباه إلى هذا الخلل، لناحية تحديد مهلة تكون حافزاً لرئيس الحكومة للإسراع في إنجاز مهمّته، توضح أن هذا الأمر يجب أن يكون في نص دستوري جديد، ما يتطلب توافقاً بين أغلب القوى السياسية والطائفية عليه بسبب تركيبة النظام اللبناني، إلا أنها تلفت إلى أن الوصول إلى هذه المرحلة ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، كونه قد يفتح الباب أمام تعديلات دستوريّة أخرى، لأنّه من الثغرات التي أظهرها تطبيق إتفاق الطائف.

على المستوى السياسي، يبدو أن هناك الكثير من الأسباب التي تحول دون توقع ذهاب رئيس الحكومة المكلّف إلى هذه الخطوة، سواء بالنسبة له أو بالنسبة إلى باقي القوى السياسية في البلاد، لا سيما بعد الأغلبية الساحقة التي حصل عليها في عملية التكليف.

وتشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحريري ليس في وارد الإعتذار عن التأليف، لأنه لم يتجاوز ما يُصنّف ضمن المهل المعقولة، نظراً إلى أن مثل هذه الخطوة ستعني الطلاق الكلي مع التسوية الرئاسيّة التي أبرمها مع "​التيار الوطني الحر​"، والتي في الأصل أقدم عليها للعودة إلى السراي الحكومي، وهي تضمن له البقاء في هذا الموقع طوال سنوات عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.

على صعيد متصل، يدرك رئيس الحكومة المكلف أن تلويحه بمثل هذا الخيار لا يصبّ في مصلحته، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، مع وجود عدد من النواب الذين لا يدورون في فلك تيار "المستقبل" في المجلس النيابي، أيّ أن هناك خيارات بديلة عنه في حال قرر التصعيد، وبالتالي هو يفضل الإنتظار للوصول إلى التسوية المنتظرة على تقاسم الحصص في الحكومة.

من جهة ثانية، تشير هذه المصادر إلى أن معظم الأفرقاء الأساسيين لا يريدون الوصول إلى هذه المرحلة، في ظل الظروف الإقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد، مع العلم أن الخلافات القائمة ليست على الحصة التي يطالب بها تيار "المستقبل"، بل في مكان آخر، يتعلق بتمثيل كل من حزبي "​القوات اللبنانية​" و"​التقدمي الإشتراكي​"، وتضيف: "المرحلة الحالية لا تحتمل تكرار تجربة حكومة نجيب ميقاتي الثانية، وبالتالي الإنتظار سيكون هو سيد الموقف".