تشكل جرعة الدعم التي قدمها ​حزب الله​ لرئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​، مباشرة عبر أمينه العام السيد حسن نصرالله، سواء بالموضوع الحكومي أو بملف عودة ​النازحين السوريين​، سلفة كبيرة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال خاصة بعد اصطفاف رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ الى جانب رئيس حزب "القوات" في المعركة الحكومية، وشعور باسيل بأنه الوحيد في معركته بملف النازحين رغم وضعها على سلم أولويات تياره في المرحلة الحالية والدفع باتجاه ادراجها بندا رئيسيا مستعجلا في البيان الوزاري للحكومة الجديدة.

ويعي رئيس "الوطني الحر" الذي يتمتع بالدعم الكامل من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن اصطفاف حزب الله الى جانبه في هاتين المعركتين من شأنه أن يجعله أقرب الى الفوز بهما. فحكوميا، وان كانت كل الأنظار تترتقب لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي من شأنه أن يحل ما يُعرف بـ"العقدة المسيحية"، الا أن تشديد نصرالله في خطابه الأخير على ضرورة التزام معايير موحّدة في عملية التشكيل، سيجعل الموقف العوني أقوى في أية مفاوضات وسيجعل "القوات" يعيد ترتيب أوراقه حتى وان لم يكن ينتظر موقفا مغايرا من حزب الله.

فبالرغم من سعي كل الفرقاء لتحميل المسيحيين وبالتحديد الثنائي عون–جعجع مسؤولية التأخير في عملية تشكيل الحكومة، مع اشاعة جوّ مفاده أن العقدة الدرزية وجدت طريقها للحل من دون أن يكون هناك اية معطيات حقيقية في هذا المجال، الا أنه وبمجرد الانتهاء من صياغة مشروع حل لأزمة التمثيل المسيحي، لن تتأخر أزمة التمثيل السنّي لتطفو على السطح مع اصرار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تخطّيها والتعاطي معها كأنها غير موجودة. ولعل حجم هذه العقدة سيتحدّد تبعا لاصرار حزب الله على دعم مطلب حلفائه السنة أو عدمه، وهو ما لم يعد واضحا في المرحلة الحالية خاصة بعد تفادي السيد نصرالله التطرق للموضوع في اطلالته الأخيرة.

وان كانت السلفة في الملف الحكومي مفيدة جدا راهنا، الا أن تلك المرتبطة بموضوع النازحين السوريين تبقى أكبر خاصة أنها اقترنت بخطوات عملية من شأنها ان تنقل الملف من مرحلة الى أخرى، مع قرار حزب الله تشكيل لجنة حزبيّة تنبثق عنها لجان شعبية تهتم بتسهيل عودة من يرغب من النازحين الى بلادهم. وقد ظلت طوال الفترة الماضية جهود "التيار الوطني الحر" محصورة بالعمل السياسي بالرغم من انتقاله مؤخرا لمرحلة ممارسة الضغوط على مفوضية شؤون اللاجئين، الا أن دخول حزب الله على الخط اليوم لمدّ يد العون، من شأنه أن ينقل الملف الى مرحلة تنفيذية يسعى اليها العونيون منذ فترة. وبحسب المعلومات فان حزب الله كان يتولى في الفترة الماضية مهاما محددة ترتبط بمعظمها بالتواصل والتنسيق مع الدولة السورية لتذليل العقبات وتسوية أوضاع بعض الراغبين بالعودة، لكنه اليوم انتقل الى الامساك بالملف بكليّته فهو سيتواصل مع النازحين وسيسجّل أسماءهم وسينسّق مع النظام في ​سوريا​ كما سيُعد العدة اللازمة لتأمين المستلزمات اللوجستية للراغبين بالعودة الى سوريا.

وبالرغم من رفض فريقي "الوطني الحر" وحزب الله الحديث عن سلفة هنا أو دين هناك، ويصران على ان ما يحصل هو بالاطار الطبيعي لانه جزء من تحالف سياسي مستمر منذ العام 2006 لافتين الى انه وبمقابل التلاقي في ملفّات عدة، هناك اختلاف في وجهات النظر حول ملفات أخرى أبرزها مؤخرا ​مرسوم التجنيس​، إذ لا يمكن التغاضي عن أن العلاقة بين الطرفين بدأت تعود تدريجيا الى سابق عهدها بعدما مرّت في مرحلة ​الانتخابات النيابية​ في منعطفات خطيرة كادت تودي بها.