تمعن الإدارة الأميركية وسلطات الإحتلال الإسرائيلي بممارسة الضغوطات على القيادة ال​فلسطين​ية، الرافضة للقبول بـ"صفقة القرن"، التي ينوي الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ طرحها لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ويتنوّع التماهي الأميركي والإسرائيلي، بأساليب الضغوطات ووسائلها، وجديدها "القرصنة" المالية، حيث صادقت ​الكنيست الإسرائيلي​، مساء أمس الأوّل (الإثنين) على مشروع قانون يقضي بأنْ "يتم خصم قيمة المبالغ التي تدفعها ​السلطة الفلسطينية​ للأسرى وذويهم، من عائدات الضرائب التي تجبيها سلطات الإحتلال، وتجميدها في صندوق خاص، على أنْ يُمنح المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، الحق في إعادة جميع الأموال المجمّدة للسلطة الفلسطينية إذا لم تقم السلطة بتحويل المخصّصات لذوي الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين".

ويأتي ذلك بعد أيام من قرار الإدارة الأميركية تجميد مساعداتها المالية لفلسطين.

لكن جاء الرد الفلسطيني، على ذلك، سريعاً بالتهديد بالتوجّه إلى "​المحكمة الجنائية الدولية​" أو مجلس الأمن، على اعتبار أنّ القرار الإسرائيلي بخصم مخصّصات الأسرى والشهداء، من أموال المقاصة الفلسطينية، "خط أحمر وبمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني".

وشدّد الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية ​نبيل أبو ردينة​ على أنّ "الرئاسة الفلسطينية تؤكد رفضها القاطع لهذا القرار الخطير، وتعتبره مساساً بأسس العلاقة منذ اتفاق أوسلو وحتى الآن".

وقال: "في حال تنفيذ هذا القرار، فإنّ ذلك سيؤدي إلى اتخاذ قرارات فلسطينية هامّة لمواجهة هذا القرار الخطير، لأنّ هذا الموضوع يُعتبر من الخطوط الحمر التي لا يُسمح لأحد المس به أو تجاوزه، واعتباره بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ومناضليه وأسراه وشهدائه الذين حملوا راية الحرية، من أجل القدس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

وأضاف: "إنّ المضي بتنفيذ هذا القرار، ستكون له تداعيات خطيرة، وستكون كل الخيارات الفلسطينية مفتوحة، وعلى كل الصعد، ابتداءً من "محكمة الجنايات الدولية"، ومروراً بمجلس الأمن الدولي".

واعتبر أنّ "قرار الكنيست الجائر والخطير، يتطلّب موقفاً صلباً من الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وكذلك المجتمع الدولي، من أجل التصدّي له وإلغائه".

وأوضح أنّ "القيادة الفلسطينية ستدرس في اجتماعاتها المقبلة، بما في ذلك اجتماع المجلس المركزي الذي أنشأ السلطة، اتخاذ قرارات مصيرية وتاريخية ستغيّر طبيعة العلاقات القائمة، لأنّ هذه الخطوة الإسرائيلية تُعتبر هجوماً يستهدف تاريخ الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال".

وطالب أبو ردينة ​الحكومة الإسرائيلية​ بـ"مراجعة مواقفها وقراراتها، حتى لا تصل الأمور إلى طريق خطير ومسدود".

من جهته، أكد المجلس الوطني الفلسطيني أنّ "دفـع المخصّصـات لعائلات المعتقليـن والشـهداء والجرحـى، هـو التـزام قانونـي وواجـب وطنـي، لتوفيـر الحمايـة والرعاية الكريمة لهم، وهم ضحايا إرهاب الإحتلال الإسرائيلي الذي حوّل اتفاقيـة جنيـف الرابعـة، مـن اتفاقيـة لحمايـة المدنييـن فـي زمـن الحـرب إلى اتفاقيـة لحمايـة جنـوده".

ووجّه رئيس المجلس ​سليم الزعنون​ رسالة إلى مختلف الاتحادات البرلمانية الدولية والإقليمية والمؤسّسات المعنية، شرح فيها "أبعاد ومخاطر القانون الذي صادقت عليه الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 2/7/2018، والقاضي باقتطاع الأموال المخصّصة للأسرى

وعائلاتهم ولعائلات الشـهداء الفلسطينيين مـن عائـدات الضرائـب التـي تجمعهـا إسـرائيل لصالح دولة فلسطين".

وناشد في مذكّرته "تلك الجهات بمطالبة دول العالــم بتحمّــل مســؤولياتها تجــاه الأسرى الفلســطينيين، والــرد علــى حمــلات التحريــض والإجراءات العقابية الممنهــجة التــي تقودهــا دولــة الإحتلال ضــدهم، وإنهـاء نصـف قـرن علـى الإحتلال".

هذا، وسيعقد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الدكتور ​صائب عريقات​ مؤتمراً صحفياً حول العاشرة من صباح اليوم الأربعاء في دائرة شؤون المفاوضات، لتناول هذه القرصنة الإسرائيلية.

وكان عريقات قد أكد خلال لقاءات عقدها عريقات مع سفراء روسيا والصين وألمانيا لدى دولة فلسطين كل على حدة، أنّ قرار الحكومة الإسرائيلية اقتطاع وخصم الأموال من المقاصة الفلسطينية، انتقاما من استمرار دفع الرواتب والمخصّصات لأسر الشهداء والأسرى، وقرارها بإقامة 1000 وحدة استيطانية جديدة فى ​مدينة القدس​ المحتلة، يُعتبر سرقة وقرصنة ومخالفات فاضحة للاتفاقات الموقعة والقانون الدولي، مؤكداً أنّ القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ​محمود عباس​ لن تقبل هذه القرارات، ولن تسمح بتطبيقها.

وشدّد على أنّ القيادة تدرس جميع الخيارات، بما فيها تنفيذ قرار المجلس الوطني الفلسطيني بتحديد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع سلطة الإحتلال الإسرائيلي، وتحميلها المسوؤليات كافة فى أراضي دولة ​فلسطين المحتلة​ (الضفة بما فيها القدس وقطاع غزّة)، أي الانتقال من مرحلة السلطة إلى الدولة عملا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19/2012.

وختم بأنّ القيادة تدرس انضمام دولة فلسطين لعدد من الوكالات الدولية المتخصّصة كمنظّمة الصحة العالمية ومنظّمة الزراعة والأغذية الدولية والحماية الفكرية وغيرها.

وكانت الهيئة العامة للكنيست، قد صادقت، مساء أمس الأوّل (الإثنين)، بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون ينص على تجميد دفع قيمة مخصّصات ذوي الشهداء

والأسرى والجرحى الفلسطينيين، من خلال خصم هذه المخصّصات من أموال الضرائب.

ويقضي القانون بصيغته الحالية، بأنْ "يتم خصم قيمة المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى وذويهم، من عائدات الضرائب التي تجبيها سلطات الإحتلال، وتجميدها في صندوق خاص، على أنْ يُمنح المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، الحق في إعادة جميع الأموال المجمّدة للسلطة الفلسطينية إذا لم تقم السلطة بتحويل المخصّصات لذوي الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين".

وعلى أنّه "في كل عام سيقدّم وزير الأمن إلى (الكابينت) تقريراً يُوجز فيه تحويل الأموال من السلطة الفلسطينية إلى الأسرى وذويهم، وسيتم خصم قيمة المبلغ الذي سيقسّم على 12 دفعة، بصورة شهرية، من عائدات الضرائب التي تجبيها سلطات الإحتلال لحساب السلطة الفلسطينية".

فيما كان نصّ الإقتراح الأوّلي لمشروع القانون، الذي وضعَته وزارة الأمن الإسرائيلية، تحت عنوان "خصم رواتب المخربين"، "إنّ الأموال التي سيتم خصمها من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، تحوّل إلى صندوق يُقام مستقبلاً لثلاثة أهداف: إنفاذ القرارات في الدعاوى التي قدّمها ضحايا العمليات ضد السلطة الفلسطينية وضد المنفّذين، وإقامة مشاريع لتعزيز مكافحة الإرهاب، وتطوير بنى تحتية مدنية مثل الشوارع والإنارة وأخرى أمنية".