نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية مقالا أشارت فيه إلى ان "الرئيس السوري ​بشار الأسد​، أصبح حليفا لإسرائيل، التي تريده البقاء في السلطة"، مشيرةً إلى أن "كلا من الأسد وإسرائيل يعتمدان على ​روسيا​، فعندما تهدد إسرائيل ​سوريا​ بسبب الوجود ال​إيران​ي، فإن عليها أن تعلم أنها تهدد الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​".

ولفتت إلى أن "​وزارة الخارجية الإسرائيلية​ قامت في عام 2012، مع بداية الحرب الأهلية السورية، بتقديم توصيات تتعلق بالموقف الإسرائيلي من رئيس ​النظام السوري​، فقد كان الموقف هو أن تشجب إسرائيل القتل في سوريا، وتطالب برحيل الأسد، وطالبت الخارجية بألا تكون إسرائيل هي الدولة الغربية الوحيدة التي لم تشجب الأسد؛ لئلا تغذي نظريات المؤامرة بأنها تريد بقاءه في السلطة".

وأفادت بـ"أن وزير الخارجية في حينه ​أفيغدور ليبرمان​ وافق على تلك التوصيات، ورفضها رئيس الوزراء ​بنيامين نتانياهو​، الذي شجب القتل و​الجيش السوري​، الذي "لا يتورع عن قتل جيرانه وشعبه أيضا"، إلا أنه لم يذكر أبدا الأسد، ولم يطالب بالإطاحة به"، مشيرةً إلى "قول السفير الإسرائيلي في ​الأمم المتحدة​ في حينه ​رون بروسور​، إن الأسد "لا يملك الحق الأخلاقي ليقود شعبه"، وكان هذا كل ما صدر عن إسرائيل".

وأضافت الصحيفة: "هذه الألعاب الاستعراضية، وخلاف ليبرمان- نتنياهو، لم تؤد إلا لتغذية نظريات المؤامرة، حيث تعتقد ​المعارضة السورية​ بشكل جازم أن إسرائيل تريد أن يظل الأسد في السلطة"، مشيرةً إلى أنه "الآن وقد استعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا، ويشن آخر المعارك ضد المعارضة في ​الجنوب​، فإن إسرائيل تقوم بإعادة تشكيل ال​سياسة​، وتتصرف وكأنها تصالحت مع فكرة بقاء الأسد في الحكم، وقبل عدة أسابيع قيل إن إسرائيل أخبرت روسيا أنها لن تعارض هذا الأمر، وكأن الأمر في يدها، وأن لديها نفوذا، بأن تحدد نوع الحكم بعد نهاية الحرب".

وتابعت: "إسرائيل لم تتصالح مع فكرة حكم الأسد، لكنها تخشى من اندلاع حرب أهلية جديدة بين فصائل المعارضة ذاتها في حال نجحت في الإطاحة به"، كاشفةً عن أن "الأوراق التي تم إعدادها من ​الجيش الإسرائيلي​ والخارجية، خلال السنوات الماضية، حول الوضع في سوريا، لم تتحدث عن دعم الأسد، لكنها تشير إلى أن استمرار حكمه مفضل، بل هو حيوي للأمن الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن تعاون إسرائيل مع روسيا، الذي يعطيها حرية مطلقة في مهاجمة مواقع ​حزب الله​ وإيران داخل سوريا، يضيف الإسرائيليين لقائمة ​التحالف العربي​ غير الرسمي الداعم لاستمرار حكم الأسد".

ونوهت إلى أن "ملك ​الأردن​ عبدالله الثاني، كان أول من شجب الأسد، وطالب برحيله، لكنه تراجع لاحقا، بشكل أغضب ​السعودية​"، مشيرةً إلى أنه "بعد محادثات بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين روس، فإن السعودية لم تعد تعارض علنا بقاء الأسد في السلطة".

وأشارت الصحيفة إلى ان "إسرائيل نظرت إلى التدخل العسكري الروسي في سوريا، الذي بدأ في عام 2015، باعتباره غير فعال وسينتهي بالفشل، إلا أنه قام بتعزيز الأسد محليا، وخلق الظروف لتكوين تحالف مع كل من ​تركيا​ وإيران، وحيّد تدخل دول عربية، مثل قطر والسعودية و​الإمارات العربية المتحدة​، ونظرا لانسحاب ​الولايات المتحدة​ من الميدان، فقد كان على إسرائيل التعامل مع الأقل شرا"، مفيدةً بـ"أن التحالف الروسي لم يعد شأنا عاطفيا، خاصة أن ​طهران​ و​موسكو​ متعارضتان بشأن السيطرة على مناطق خفض التوتر، وتهدد تركيا، التي احتلت مناطق ​الأكراد​ في شمال سوريا، رغبة روسيا في سوريا موحدة، ومن هنا فإن هدف إسرائيل منع إيران من البقاء في سوريا يعني أن روسيا، لا الولايات المتحدة ولا ​الدول العربية​، هي القادرة على تحديد العمليات الإيرانية هناك، وربما دفعها للخروج".

وبينت أن "الأسد يعتمد بشكل كبير على روسيا، وأكثر من إيران، وهذا جيد لإسرائيل؛ لأن هذا يعني أن سياسة سوريا الخارجية، وحتى سياستها المستقبلية من إسرائيل، يجب أن توافق عليها روسيا، ما يعني التنسيق مع إسرائيل، وتقليل التهديدات السورية، ومقابل ذلك فقد وافقت إسرائيل على ألا تضعف حكم الأسد"، مشيرةً إلى انه "علاوة على هذا، فإن إسرائيل أكدت أن اتفاق الفصل بين ​القوات​ في عام 1974، الذي تبع حرب يوم الغفران، لا يزال ساريا، ما يعني أنها لن تقبل بوجود قوات سورية في أي جزء من مرتفعات ​الجولان​ المنزوعة السلاح بناء على ذلك الاتفاق، وفي الواقع كان الأسد هو الذي التزم بالاتفاق، وأبقى على الحدود هادئة ولعقود طويلة، وأقنعت إسرائيل، التي لم تكن تثق بالمراقبين التابعين للأمم المتحدة، الأسد بأن الالتزام بالاتفاق يخدم مصالحه".

ولفتت إلى أن "روسيا انضمت لقوة المراقبة هذه، وتريد إقناع إسرائيل بأن الحفاظ على هدوء الحدود هو في مصلحتها، وعليه يجب أن تتمنى إسرائيل للأسد نجاحا كبيرا وحياة طويلة، وعندما يهدد المسؤولون الإسرائيليون الأسد وحكمه؛ لأنه سمح للإيرانيين بفتح متاجر قرب الحدود الإسرائيلية، فإن عليهم معرفة أنهم يهددون روسيا وحليفها الاستراتيجي الجديد في ​القصر الجمهوري​ في دمشق".