اشارت الباحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا ليلى شمس الدين الى دور الإعلام وقوة تأثيره في وقتنا الراهن، مستشهدة بمقولة تشومسكي حول وصفه "الإعلام بالآلة السحرية التي يمكنها توجيه الرأي العام وتحويله إلى النقيض وتعبئته وتصوير ما ليس له وجود على أنه واقع ليس منه مفر"، واستتبعته بمقولة بوديار التي وصّفت الإعلام في عالمنا اليوم الذي "تنتشر فيه وسائل الإعلام بقوّة لا يعيش الناس الواقع بقدر ما يعيشون الصور والمشاهد التي تبثها وسائل الإعلام المحيطة بهم من كل جانب"، منطلقة من أهمية البحث عمّا تقدّمه قنوات التلفزيون المخصّصة للأطفال لافتة إلى خطورة هذا الأمر تحديداً على الأطفال، في زمن "يزداد عدد القنوات المتخصّصة للأطفال والتي تتوجّه إلى أكثر من 2 مليار طفل في العالم تحت عمر 18 سنة".

ووفي كلمة لها خلال ندوة " الإعلام وتنشئة الطفل العربي" ،التي ادارها عميد ​المعهد العالي​ للدكتوراه في الآداب و​العلوم​ الإنسانية والاجتماعية في ​الجامعة اللبنانية​ البروفسور محمد محسن تطرّقت شمس الدين إلى مراحل الطفولة وأهميتها في تكوّن ملامح شخصية الإنسان من: القيم، والعادات، والاتجاهات، وكيفية نمو الميول والاستعدادات، مشيرة إلى مسار نمو الطفل الجسمي والعقلي والاجتماعي والوجداني، بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة وإلى مرحلة ما قبل المراهقة، وهي مراحل أساسية في تكوّن الشخصية واكتساب المعايير والقيم والقدرة على تقييم السلوك، وأهمية هذه المراحل في حياة الإنسان، كونها تختزن تطوّر الفرد المعرفي والاجتماعي والثقافي، وفهمهللأبعاد المادية، والاجتماعية، والثقافية للعالم الذي يعيش فيه، إذ يؤثّر ما يكتسبه على تصرّفاتهومواقفهووجهة نظره تجاه العالم الذي يحيط به.

كما دعّمت شمس الدين عرضها بالأرقام والإحصاءات لتبيان الواقع المتسارع بوتيرة مذهلة تستوجب البحث والتقصي، مستندة في عرضها على ما خلصت إليه في دراستها البحثية التي تناولت فيها " تشكيل ثقافة الأطفال من خلال البرامج التلفزيونية" بشأن ما يتعلّق بالخصوصية الثقافية التي تحملها قنوات الأطفال التلفزيونية من إرث محمّل بخزان القيم التقليدية المتوارثة للعادات والتقاليد على الرغم من سياسات الانفتاح تحت تأثير العولمة.

وختمت الدكتورة شمس الدين بالقول"إننا نجد أنفسنا أمام ميادين إعلامية مفتوحة لتشكيل ثقافة الأطفال تنحو نحو تشكّل هويات هجينة، ربما، وليس نحو هوية واحدة، وهو ما يدفعنا إلى طرح سؤال حول السمة الغالبة، وربما الجامعة بين هذه الهويات على تعدّدها، تساؤل مفتوح ينتظر المزيد من البحث والتقصّي محاولة للإجابة".