لم تعد الأمور بحاجة الى تحليل مطوّل للوصول الى الخلاصة القائلة بأن "الضوء" الأخضر الخارجي ل​تشكيل الحكومة​ ال​لبنان​ية لم يصدر بعد. دخل الجميع في إجازة صيفيّة، ووضع ملف تشكيل الحكومة الجديدة على الرفّ، بانتظار تغيّر اقليمي دولي "يُعيد" الأمور الى سكّتها السليمة في لبنان.

كان رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ أول من تلقّف "التوجه" السعودي. علم الرجل بأن المملكة ابلغت رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بأن لبنان سيظل لفترة من الوقت بلا حكومة، وبالتالي لن تنفع المبادرات الداخلية ولا المشاورات المحلية، ولن ينفع التنازل مهما بلغ حجمه. يومها قال بري كلمته حكوميا ومشى في إجازته الصيفية التي عادة ما تكون في النصف الثاني من شهر آب، وليس في شهر تموز، ولعل السبب هو أن شهر آب سيكون شهر الحسم الحكومي، إيجابا أو سلبا كون العارفين بمسار الامور يؤكدون بأن ​الرئيس ميشال عون​ لن يتهاون مع ضاربي عهده، ولن ينتظر طويلا قبل التحرّك بوجه "المماطلة" في تشكيل حكومة العهد الأولى.

تشير مصادر مطّلعة الى أنه يوم استدعت ​السعودية​ رئيس ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​، ورئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ ورئيس الحكومة المكلف، أبلغتهم بشكل واضح بأن "لا حكومة في لبنان بالوقت الراهن"، طالبة منهم أن يرفعوا سقف الشروط والخطاب السياسي للإطالة قدر الإمكان. وتضيف المصادر: "قال المسؤولون السعوديون للحريري بأن تخلّيه عن تشكيل الحكومة أهون عليهم من أن يكون في لبنان حكومة موالية لحزب الله في هذا التوقيت".

وفي نفس السياق تؤكد مصادر حركة أمل ان الامور الحكوميّة لا تراوح مكانها بل تعود الى الوراء، بسبب كثرة العقد الداخلية والخارجية، مع العلم أن قلّة العقد الداخلية لا تنعكس سهولة على التأليف إذ يبدو أن كل طرف يصرّ على شروطه "المستحيلة" لأسباب سياسية لا علاقة لها بالحكومة. وتضيف: "دخلنا اليوم في غيبوبة حكوميّة لن تنتهي قبل تبدل المعطيات الاقليميّة والخارجيّة وعودة التوافق الداخلي".

وترى المصادر أن الشق الداخلي للحل هو بيد اللبنانيين ويكفي وضع معايير موحّدة في عملية التأليف لتصبح الامور أسهل، مشيرة الى ان هذه المعايير تساعد في ضبط حركة تشكيل الحكومة وتجعل القوى السياسية متساوية لجهة الحقوق والواجبات، في وقت تشكّل فيه كثرة المعايير، او "أنانيّة التفكير"، عائقا حقيقيا امام ولادة حكومة وطنيّة موسعة يتمثل فيها الجميع.

تتوالى الاجازات الصيفيّة بعد اقتناع القيادات السياسيّة بأن موعد ولادة الحكومة لم يقترب بعد، ولكن قبل ذلك اتّفق المعنيون على تخفيض سقف التخاطب، ومنع التراشق الاعلامي كون هذه الأمور لن تؤثر على الحكومة بل على استقرار الشارع اللبناني. وهنا تقول المصادر: "في اللقاء الذي عُقد في بعبدا بين الرئيس عون وجعجع تم الاتفاق على التهدئة الاعلامية، ولم يدخل النقاش في تفاصيل التشكيلة الحكومية كون الرجلين على علم بأن المرحلة الراهنة هي مرحلة شدّ حبال إقليمي، بين الفريق الذي تقوده روسيا من جهة، والفريق الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية من جهة اخرى، وبالتالي على اللبنانيين انتظار النتائج التي ستبدأ بالظهور بعد لقاء الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلنسكي في 16 تموز الجاري.