أنهت ​المحكمة العسكرية​ الدائمة برئاسة العميد حسين عبد الله، استجواب المتهمين في حادثة منطقة الرعيان في أطراف بلدة ​عرسال​، التي أدت الى استشهاد المقدم في الجيش ​بيار بشعلاني​ والمعاون أول إبراهيم زهرمان، في الأول من شباط 2013، و​محاولة قتل​ عسكريين آخرين والاستيلاء على أسلحتهم وعتادهم وتخريب آلياتهم العسكرية، والتحريض ضد الجيش، وأبرزهم رئيس ​بلدية عرسال​ السابق ​علي الحجيري​ الملقب بـ"أبو عجينة" ونجله حسين، والشيخ ​مصطفى الحجيري​ الملقب "أبو طاقية" ونجله عبادة، وذلك بحضور وكلاء الدفاع عنهم.

وكان رئيس المحكمة قد أبلغ جميع المتهمين ووكلاء الدفاع عنهم، في الجلسة السابقة، بأن الجلسة اليوم ستكون النهائية والحاسمة لجهة إجراء الاستجوابات والمرافعات وإصدار الأحكام في يوم واحد، إلا أنه قرر في نهاية الجلسة تأجيلها إلى يوم الخميس في 19 تموز للمرافعة.

في بداية الجلسة، أكد "أبو عجينة" أن لا علاقة له بهذه القضية ويريد أن يروي كامل التفاصيل أمام هيئة المحكمة، مشيراً إلى أنّه لم يكن على علم بأن الدورية التي حصل معها الاشتباك المسلح عائدة للجيش، بل كان لديه معلومات بأن المسلحين ينتمون الى "​حزب الله​"، لا سيما أنه عند وقوع الحادث الذي حصل على أثر مقتل ​خالد حميد​، أجرى اتصالات بعميد في الجيش، حيث نفى الأخير أن تكون الدورية عائدة للجيش، لا بل قال له بأنه سيرسل دورية لملاحقة المسلحين، إلا أنه هو من طلب منه ألاّ يرسلها طالما أن هناك مجموعة مسلّحة في البلدة.

بعد ذلك، توجه "أبو عجينة" إلى منطقة أخرى، تبعد عن عرسال نحو 2 كلم، وعاود الإتصال بالعميد نفسه، الذي أكّد له مرة أخرى أن ليس هناك من دورية للجيش في المنطقة، وطلب منه الانتباه على "الفهود"، لكن بعد أن تبين له أن الاشتباك مع الجيش أجرى اتصالاً بمدير عام ​قوى الأمن الداخلي​ ​اللواء عماد عثمان​، كان حينها رئيساً ل​شعبة المعلومات​ برتبة عميد، الذي أبلغه بأنه سيعاود الاتصال به بعد التواصل مع قائد الجيش ​العماد جان قهوجي​، مضيفاً: "بعد ذلك أكد له عثمان أن الدورية من الجيش، بينما هو عاود الاتصال بالعميد في الجيش الذي طلب منه نقلهم إلى المستوصف".

وأوضح "أبو عجينة" أن نجله حسين كان يقود السيارة الأولى التي تقل العسكريين، بينما السيارة الثانية كان يقودها محمود حميد "الزلعوم"، لافتاً إلى أن حسين ذهب إلى المستوصف بينما قاد حميد السيارة الثانية إلى مبنى البلدية.

"عبادة" كاذب

بعد ذلك استدعى رئيس المحكمة نجل "أبو طاقية"، الذي كان قد أفاد بأنه "أبو عجينة" كان يطلب منه حمل السلاح والتوجه إلى مكان الاشتباك مع "حزب الله"، إلا أن "أبو عجينة" نفى هذا الأمر متهماً عبادة بالكذب، بينما أكد عبادة أنه توجه مع والده وأبناء عمته إلى المكان، إلا أنه في الطريق تعطلت السيارة التي يستقلونها.

بالعودة إلى "أبو عجينة"، أشار إلى أنه بعد ذلك توجه إلى البلدية، حيث كان العسكريون الجرحى، بينما كان عماد عز الدين قد قام بنقل الذين توجهوا إلى المستوصف إلى المستشفى في ​رأس بعلبك​، موضحاً أنه في البلدية عمل على تفرقة المواطنين، وقدموا الاسعافات الأولية إلى الجرحى بينما كان زهرمان قد استشهد، وطلب من أحد العسكريين أن يتظاهر بالموت، لدى اخراجهم، كي لا يتعرض له أحد من أبناء البلدة.

عند هذه النقطة، توجه العميد عبدالله إلى "أبو عجينة" بالسؤال عن الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على الجيش، فأشار إلى أنه لا يعرف من هم، ما دفع العميد عبدالله إلى طرح سؤال آخر: "لم يكن لديك الحشريّة لتعرف وأنت رئيس البلدية"؟، فأجاب: "لا أستطيع أن أفتح تحقيقاً"، عندها تدخل ممثل النيابة العامة القاضي فادي عقيقي، الذي لفت إلى أن المتهم هو من قال أنه فرق المواطنين في البلدية، ما يعني أنه يمون عليهم بعدم التعرض لأي عسكري.

"أبو طاقية: لم أدعُ لـ"الجهاد"

بعد الانتهاء من استجواب "أبو عجينة"، حان دور "أبو طاقية" الذي أوضح أنه علم بالحادثة بعد الانتهاء من خطبة الجمعة، حيث أبلغه بلال الحجيري أن عناصر من "حزب الله" قتلت خالد حميد وتوجهت بجثته نحو منطقة الرعيان، حيث أجرى اتصالاً بنجله "عبادة" لكي يحضر إليه، وتوجه برفقة عبادة وأبناء شقيقته يحيى وحسن إلى مكان الحادثة، كاشفاً أنه كان بحوزتهم بندقيتين، حيث ألتقى برئيس البلدية السابق في الطريق، نافياً أن يكون دعا إلى "الجهاد" عبر مكبرات الصوت في الجامع، مؤكداً رواية نجله عن تعرض السيارة التي كانت تقلّهم إلى عطل في الطريق.

وكشف "أبو طاقية" أن شيخاً آخر معروف باسم "أبو خالد أزوت" هو من طلب من النساء قطع الطريق أمام الجيش، لكنه لفت إلى أنه سمع بالأمر من أبناء البلدة كونه كان خارجها.

بعد ذلك، استكملت هيئة المحكمة استجواب باقي المتهمين في هذا الملف، أبرزهم كان حسن محمود الحجيري، الذي تعرّف على صورته أحد الضباط الذين كانوا موجودين في الدورية، وقال أنه كان أول الواصلين إلى مكان الحادثة، كما أنه أقدم على الاعتداء على أحد العسكريين الجرحى، الأمر الذي نفاه مشيراً إلى أنه ساعد أحد العسكريين على الصعود إلى السيارة العسكرية.

وأكد أنه لدى وصوله إلى مكان الاشتباك كان اطلاق النار قد توقف، لكنه سمع علي سعد الدين الحجيري يسأل ​عمر حميد​ عن سبب إطلاقه النار على زهرمان، إلا أن حميد نفى أن يكون هو من أقدم على اطلاق النار على زهرمان، قائلاً: "نجل القتيل وابن شقيقه كانا متواجدان في المكان لماذا أقتله أنا"؟، بينما أشار المتهم محمد رايد، الذي كان قاصراً حينها، أنّه من أقدم على تحطيم زجاج السيارة العسكرية أمام مبنى البلدية، لافتاً إلى أنه قام بذلك بعد أن تحداه بعض المتواجدين في المكان للقيام بذلك.

"الزلعوم" المنقذ؟!

بعد ذلك استمعت المحكمة إلى إفادة "الزلعوم"، الذي شدد في أكثر من مناسبة على أنه هو من أنقذ العسكريين، موضحاً أنه علم بالحادثة عندما كان في صلاة الجمعة، وتوجه إلى مكان الحادث لأن شقيقه يحمل نفس اسم القتيل، مشيراً إلى أن نصف أبناء عرسال كانوا في الطريق إلى مكان الاشتباك وقتذاك.

ولفت إلى أنه في البداية سمع بأن أهل ​مجدل عنجر​ هم من أقدموا على قتل حميد، لكن بعد ذلك بات يقال أن ​المخابرات السورية​ هي من قامت بذلك، قبل أن توجه التهمة إلى "حزب الله".

وأوضح أنه عند وصوله إلى مكان الحادثة، كان هناك 4 مسلحين ملثمين 2 منهم يضربون العسكريين الجرحى، عندها وضع مسدسه في رأس أحدهم وشتمهم، طالباً منهم الابتعاد عن عناصر الجيش، عندها تضامن معه العديد من أبناء البلدة الذين كانوا في المكان بينما هرب الملثمون، مشيراً إلى أنه في طريق العودة لم يسمع "أبو عجينة" يطلب نقلهم إلى المستوصف، أما بالنسبة إلى ما حصل بعد وصولهم إلى البلدية فأعلن أنه يقبل شهادة العسكريين عن دوره.

شقيق إرهابي وعسكري "متهم"؟!

قبل الاعلان عن تأجيل الجلسة، استمعت هيئة المحكمة إلى المتهم أدهم حميد، الذي كان يؤكد خلال استجواب باقي الموقوفين أنه "مظلوم"، مشيراً إلى أنه في حال ثبت تورطه بالحادثة لن يقبل إلا بالإعدام حكماً، لافتاً إلى أنه كان متواجداً خارج لبنان عند حصول الاعتداء، في حين أن شقيقه إرهابي تبرأت العائلة منه، بينما شهدت الجلسة الاستماع إلى أحد عناصر ​الجيش اللبناني​، بسبب تشابه في الأسماء، حيث أكد أنه في يوم الاشتباك كان في "الخدمة" بعيداً عن عرسال.