"لن تواصل "​القوات اللبنانية​" التهدئة من جهة واحدة في وقت لا تنفك تتلقى الرصاصات غير الطائشة والتي مصدرها رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​"، هكذا ما يقوله القواتيون باختصار لموقفهم الجديد بعد الاطلالة التلفزيونية الأخيرة لرئيس "التيار الوطني الحر" ووزير الخارجيّ’ في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل التي اعتبرها القواتيون نسفا مباشرا للتهدئة، ما سيتيح لهم التوجه الى المتاريس مجددا، وهو ما فعلوه عمليا بتسريب وثيقة تفاهم معراب مساء أمس، رغم تأكيدهم أكثر من مرة على رفضهم القيام بذلك، ما يوحي بأن الأمور بين ما كان يُعرف بـ"الثنائي المسيحي" في العامين 2016-2017 عادت الى ما قبل تلك المرحلة، الأمر الّذي يُمهد لتأخير مؤكّد لتشكيل الحكومة، ولا تستبعد مصادر "الثنائي الشيعي" أن يصل الى أوائل الخريف أو حتى الى نهاية العام الجاري.

وقد شكّلت المواقف الأخيرة التي أطلقها باسيل والتي أتت مباشرة بعد لقاء رئيس "القوات" ​سمير جعجع​ برئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، والذي أسس للقاء وزير الاعلام ​ملحم الرياشي​ بباسيل، "مفاجأة من العيار الثقيل للقواتيين الذين كانوا يتوقعون سعي رئيس "التيار" لوضع حد للسجال السياسي بين الحزبين، والزام القياديين العونيين والنواب بانتهاج التهدئة، فاذا به يواصل الهجوم على "القوات" ويرفع من حدتها". وتتحدث مصادر قواتية عن "خرق فاضح للهدنة قام به باسيل الذي شن حملة غير مسبوقة شكلا ومضمونا، ما يطرح أكثر من علامة استفهام، حول سبب عدم التزام رئيس التيار بتعليمات وتوجيهات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. في وقت دعا فيه الرئيس للتبريد وهو ما ظهر جليا خلال استقباله رئيس حزب القوّات سمير جعجع والنائب السابق ​وليد جنبلاط​، يذهب باسيل باتجاه التسخين". وتضيف المصادر: "ما قام ويقوم به موجّه بشكل أساسي ضد بعبدا التي يصوّرها حاليًّا كأنها لا تمون عليه وغير قادرة على فرض ايقاعها، ما يجبرنا على الرد والدفاع عن أنفسنا، فالتزام طرف بالتهدئة مقابل اصرار الآخر على رفع حدة الخطاب يُسقط التهدئة تلقائيا".

لكن القراءة القوّاتية للمستجدّات لا تتلاقى مع قراءة الثنائي الشيعي لأحداث الايام القليلة الماضية. اذ تشير مصادر الثنائي الى أن "جنبلاط وجعجع كانا يسعيان من خلال لقائهما الرئيس عون لاقناعه بالضغط على باسيل في ملف تشكيل الحكومة، فاذا به يتجنب الحديث معهما بالموضوع الحكومي ويحيلهما الى رئيس "التيار" ما فاقم استياءهما وهو ما تجلى بوضوح من خلال تصاريحهما الأخيرة".

وتعتبر المصادر أنّه "وبمقابل اصرار "الثنائي" و"التيار الوطني الحر" على تشكيل حكومة تبعا لنتائج الانتخابات الأخيرة، يصر باقي الفرقاء على اعادة انتاج الحكومة الحالية بشكل جديد، وهو ما لا يمكن أن نقبل به"، لافتة الى ان "توجيهات خارجية واضحة وصلت الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تتحدث عن عدم امكانية تشكيل أيّ حكومة لا ترضي الثنائي جنبلاط –جعجع، ما يُدخلنا في أزمة حكومية لن تكون قصيرة الأمد، وقد تمتد لمطلع الخريف أو حتى نهاية العام الجاري".

اذا سيكون اللبنانيون على موعد في الايام والأسابيع المقبلة مع تجدد الصراع على الحصص الحكوميّة على أن يتّخذ هذه المرة منحى أكثر حديّة بعد تداعي تفاهم معراب وتحوّل العلاقة بين طرفيه الى أشبه بـ"جرّة مكسورة".