الصدمة السلبية التي خلفها تنكر ​التيار الوطني الحر​ ورئيسه الوزير ​جبران باسيل​ لاتفاق معراب لم تكن "إسلامية" و"شيعية" فقط بل هي عبارة عن صدمة "سنية" ومارونية تحديداً فليست القوات وحدها من تتصرف كـ"الزوج" المخدوع من انكار التفاهم والقفز فوقه، فثمة معلومات تؤكد ان الرئيس ​سعد الحريري​ بات "ممتلئاً" من تجاوزات باسيل الحكومية ومنزعج جداً لتدخله في تفاصيل التأليف. وتشير المعلومات الى ان رغم كل السلبية لسقوط تفاهم معراب بيد باسيل الا ان ايجابيته انه يحرر الرئيس المكلف من هذا الاتفاق وسيفاوض بعد عودته من اجازته الصيفية، الرئيس عون مباشرة ومن دون وسطاء كما يمكنه ان يتبنى مطالب القوات والنائب السابق ​وليد جنبلاط​ براحة وهدوء ومستفيداً من حالة الغضب التي ارختها ممارسات باسيل خلال الانتخابات ومفاوضات التأليف راهناً.

على الجانب الماروني تؤكد اوساط مسيحية سياسية ان القوات سبقت باسيل بأكثر من خطوة في السياسة عندما نشرت نص الاتفاق واحرجت باسيل والعهد معه وستجبرهما حتماً على مراعاة حصتها ومطالبها حكماً، سواء ابقي الاتفاق ساري المفعول ام سقط وفي كلتا الحالتين يستفيد الدكتور ​سمير جعجع​ حكومياً بتحقيق مطالبه وسياسياً عبر اظهار باسيل انه لا يحترم "اخيه المسيحي" واتفاقاته معه كما لم يحترم "اولاد عمومته" الشيعي والسني والطرفان الاخيران سيتوجسان مستقبلاً منه.

وتؤكد الاوساط ان جعجع استفاد من جانب ثان وهو فتح خطوط تواصل جديدة وتعزيز القنوات التي كانت سالكة قبل الانتخابات وخلالها مع المردة والكتائب. والجانبان ايضاً يعتبران ان اتفاق معراب كان موجه ضدهما وخصوصاً الوزير السابق ​سليمان فرنجيه​ الذي حرمه تفاهم معراب من حظوظه الرئاسية ومنعه من الوصول الى كرسي بعبدا ببضعة امتار وجلسة نيابية لانتخابه لم تُعقد بسبب تمسك ​حزب الله​ بالرئيس عون للكرسي الاولى وترشيح جعجع لاحقاً له وتبنيه.

اما الكتائب فيرى ان الاتفاق عزله مسيحياً وكشفه مما اضطر الى الاستقالة من حكومة ​تمام سلام​ وعدم المشاركة في ​حكومة الحريري​ الحالية التي تصرف الاعمال وخوض معاركه وحيداً في كل الاتجاهات من ​النفايات​ الى ​الكهرباء​ والبواخر و​مكافحة الفساد​ الى ملف ​الموازنة​ وغيرها من القضايا التي اعتبرت انها من "باب" الحرتقة على العهد والمزايدة الشعبية وهو الامر الذي انعكس عليه في الانتخابات الاخيرة فنزلت مقاعده النيابية من اربعة الى ثلاثة ويسعى رئيسه النائب ​سامي الجميل​ الى "التقرب" من العهد ودعمه وتحييد الرئيس عون عن

الخصومة والتقاتل وحرب الالغاء التي يخوضها باسيل ضد المسيحيين والموارنة لذلك يسعى الجميل الى مقعد وزاري يضمن للكتائب المشاركة في المجلس التنفيذي للدولة اي ​مجلس الوزراء​ وعدم البقاء "متفرجاً" من الخارج.

اما على جبهة المردة فصدرت تصريحات لافتة امس الاول على لسان النائب ​طوني فرنجية​ بعد اجتماع الكتلة النيابية فجدد المطالبة بمقعدين وزاريين مسلم ومسيحي ما يناسب حجم الكتلة التي تشكلت من المردة والمستقلين في جبيل وكسروان والتي تضم 7 نواباً مع فرنجية. وتشير الاوساط الى ان موقف المردة من انتقاد لقاء معراب والذي وصفه باختزال الدولة والمؤسسات والمحاصصة يدلل على حجم الهوة والصراع الكبير الذي يجري بين باسيل وفرنجية الاب والابن وخصوصاً بعد معركة كسر العظم الانتخابية التي ساند فيها حزب الله باسيل باصوات شيعية في منطقة البترون لضمان فوزه مع مرشحين آخرين كما دعم باسيل اصوات مرشحي التيار بتحالف مع المستقبل.

وتؤكد الاوساط ان اللقاءات بين المردة والقوات عادت خلال الانتخابات من خلال التنسيق الامني ومنع الاحتكاكات بين المناصرين وهو تواصل عمره اكثر من عامين بين الطرفين وهناك لجنة مشتركة للتنسيق وحل اي اشكال ميداني بين جمهوري الحزبين. وتشير الى ان الارضية جاهزة بين الطرفين لبدء التحضيرات لتنسيق سياسي من بوابة العمل النيابي المشترك والتنسيق في قضايا الشمال انمائياً وعلماً انه يجمع بين الطرفين عدو مشترك هو باسيل ولا مانع من الطرفين ان يتكتلا لكف يده عن منطقة الشمال والبترون.

وعلى جبهة الكتائب والقوات تشير الاوساط الى ان اللقاءات بين الجانبين تستعيد زخمها بعد التنسيق في الانتخابات رغم عدم نجاح التحالف بينهما في اية منطقة لكن الابواب مفتوحة لعودة العلاقات بين الجانبين كما يجمع بينهما العداء لباسيل والتصدي لحملة الالغاء المسيحية عموماً والمارونية خصوصاً التي يشنها ضد كل خصومه.

وتختم الاوساط الى ان رئيس التيار الوطني الحر اليوم امام واقع صعب لا يحسد عليه اسلامياً ومسيحياً فإذا استمر اداؤه السلبي هذا واستمر في سياسة "شراء الاعداء" فإنه لن يبقى له اي نصير مسيحي ولا مسلم ولا درزي ولا سني ولا شيعي وهو يعرض العهد للانكشاف والعزل ويعزل نفسه ايضاً ويعري نفسه لهذا فهو مطالب بصدمة ايجابية مدوية لتعيد التوازن اليه كي لا يبقى وحيداً ومعزولاً في نهاية المطاف.