بعد طلب مدير عام ​المؤسسة العامة للإسكان​ ​روني لحود​، من المصلحة الإدارية والقانونية، عدم قبول أي طلب قرض سكني جديد، إعتباراً من يوم أمس وحتى إشعار آخر، دخلت أزمة الإسكان في مسار جديد، بالرغم من تأكيد لحود أن كل طلبات القروض السكنيّة المقدمة سابقاً لن تتوقف، مع العلم أن ​القروض السكنية​ المدعومة من ​مصرف لبنان​ متوقفة.

في ظل هذا الواقع، برز إقتراح قانون معجل مكرر، تقدمت به كتلة "المستقبل"، يرمي إلى إلتزام الدولة اللبنانية بدعم فوائد القروض التي تمنحها المؤسسة العامة للإسكان، وذلك عبر تسديد المصارف مباشرة قيمة هذا الدعم، عبر إجراء مقاصة بين المبالغ التي تمثل هذا الدعم والمبالغ التي تستوفيها المصارف إنفاذا لأحكام المادة 52 من القانون رقم 497، تاريخ 30-1-2003، بالإضافة إلى منح المستأجر، الخاضع لإحتكام القانون النافذ رقم 2، تاريخ 28-2-2017، (تعديل قانون الإيجارات) الذي يستفيد من قرض من المؤسسة العامة للإسكان يرمي إلى تملك المأجور الذي يشغله أو أي مكان آخر، دعما إضافيا يكون حده الأقصى 2% من مقدار الفائدة المتوجبة على هذا القرض.

في هذا السياق، توضح مصادر نيابية، عبر "النشرة"، أن هذا الإقتراح من المفترض أن يبتّ في مجلس النواب، لا سيما بالنسبة إلى صورة الإستعجال، حيث يكون على المجلس النيابي التصويت أولاً على صفة الاستعجال، وبحال أقرها وجبت مباشرة مناقشة الموضوع والاقتراع عليه، أما إذا رفضت أحيل الاقتراح على اللجنة المختصة، لكنها من جهة ثانية توضح أن التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال هو موضع خلاف في وجهات النظر، بين رأي يؤكد على حق المجلس في التشريع في ظل هكذا حكومة، وآخر يعتبر أن المفترض الإتفاق على البنود التي ستكون على جدول أعمال الجلسة، الأمر الذي قد يعقد إقرار هذا القانون، إلا بحال الإتفاق على أن يكون بنداً واحداً.

من جانبها، تؤكد النائبة في كتلة "المستقبل" ​رولا الطبش​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الإقتراح من المفترض أن يمر بمسار تشريعي محدد، لا تستطيع منذ الآن تحديد المهلة التي قد يحتاجها، لكنها تؤكد أن الهدف من وضعه في إطار المعجل المكرر هو الإستعجال في إنهاء الأزمة الإقتصادية الإجتماعية القائمة. وتشير الطبش إلى أن التواصل حول هذا الإقتراح تم مع المؤسسة العامة للإسكان ووزارة المالية ومختلف الكتل النيابية، مع وجود توافق عليه من قبل أغلب المعنيين، لكن ماذا عن موقف ​جمعية المصارف​؟.

من حيث المبدأ، تؤكد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المصارف لا تمانع السير بأي مشروع منطقي يعيد الدعم إلى القروض السكنية، لأنها أحد الأفرقاء المتضررين من توقفها، خصوصاً أن 80% من القروض السكنية التي تقدّمها تكون مرتبطة بالمؤسسة العامة للإسكان، إلا أن هذا لا يحلّ مشكلة الشقق المتوسطة والكبرى التي لا تشملها تلك القروض، والتي تمثل أزمة بالنسبة إلى القطاع العقاري.

حول هذا الموضوع، يوضح رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه المشكلة المستعصية يجب إيجاد حل لها بأسرع وقت ممكن، ويؤكد أنه لا يجب تحميل المصارف أو مصرف لبنان المسؤولية عن توقف دعم القروض، خصوصاً أن مصرف لبنان بالتعاون مع تلك المصارف، منذ منتصف العام 2009، يدعم القروض السكنية بينما هي لم تكن قبل ذلك مدعومة إجمالاً، مشيراً إلى أنه طوال هذه المدة كانت المصارف تعطي المجال للدولة، لا سيما السلطة التنفذية، من أجل بلورة سياسة إسكانية تؤدي إلى دعم قدرات المواطن، خصوصاً الطبقة المتوسّطة وذوي الدخل المحدود، على تملّك منزل، ويضيف: "طوال هذه الفترة تمكن ما يقارب 138 ألف مواطن من تملك منزل، أما اليوم فالمسؤولية تقع كاملة على عاتق السلطة التنفيذية التي كان لديها كل هذه الفترة لتؤسس لسياسة إسكانية عادلة".

ويشدد غبريل على الترحيب بأي مشروع تتقدم به القوى السياسية، وهو حكماً يجب أن يدرس بشكل دقيق، حتى ولو كان غير كامل ويحتاج إلى مزيد من الدراسة لأنه حان الوقت لتتحمل السلطة التنفيذية مسؤولية السياسة الإسكانية، "وأعتقد أن تطبيقها عملي إذا كان الهدف إعطاء إعفاءات ضريبيّة على دخل المصارف، لأن الأخيرة ترزح تحت عبء الضرائب العشوائية".

وفي حين يؤكد أن ذوي الدخل المحدود هم أولوية بالنسبة إلى القروض المدعومة، يتطرق إلى أزمة الشقق المتوسطة والكبيرة الحجم، نظراً إلى أن الطلب عليها جامد منذ سنوات، ويعتبر أن معالجتها يجب أن تكون في مرحلة تلي الأولى، وهي تحتاج إلى الدعم بالإضافة إلى تخيفض رسوم التسجيل، مما يشجع الطلب عليها، ويشجع الأشخاص الذين اشتروا شققاً من هذا النوع ولم يسجلوها على القيام بذلك، مما يزيد من مدخول الخزينة العامة، مع تحديد شروط واضحة جداً لهذا الدعم.

وإلى حين إقرار هذا القانون، يبقى السؤال عن "الألف مليار ليرة"، التي حُكي عنها قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة بعد إجتماع في السراي الحكومي، ضمّ رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ووزير المالية علي حسن خليل وزير الشؤون الإجتماعية بيار بو عاصي ومدير عام مؤسسة الإسكان روني لحود، لتغطية فرق فوائد قروض إسكان جديدة، حيث تجيب مصادر مطلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، أن المصارف حينها كانت تريد أن يتحول هذا "الحل" إلى قانون يصدر عن المجلس النيابي، كي تضمن "حقوقها" والإستمرارية في تنفيذه، في حين كانت البلاد وقتذاك على مشارف إنتخابات نيابية، ما أدى إلى تجميده، مضيفة: "الأمر ليس بالبساطة التي يتخيلها البعض، فالتخلص من أزمة الاسكان بحاجة إلى حلّ يضمن حقوق الجميع ضمن رؤية شاملة واضحة ومفيدة".