بعد عودته من سفره الخاص، روّج رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ أمام الرأي العام اللبناني لنيّة لديه بإعادة تحريك عملية ​تشكيل الحكومة​. إتصل برئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وأخبره بأنه ينوي إجراء سلسلة من الإتصالات السياسيّة مع الأفرقاء ومن بعدها سيزور ​القصر الجمهوري​ لإطلاعه على نتيجتها. حركة الحريري وجولاته إستهلّها بزيارة ​عين التينة​ ولقائه ورئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، لكنها بقيت بلا بركة بحسب المتابعين، والدليل، كيف أنه خرج من اللقاء ليقول إن العقد الأساسية لا تزال على حالها. بعدها إستقبل الحريري النائب ​وائل أبو فاعور​ موفدا من رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ النائب السابق ​وليد جنبلاط​، وبحسب أوساط اللقاء، لم ينقل أبو فاعور لرئيس الحكومة المكلّف أي تنازل من جنبلاط عن أي مقعد درزي من المقاعد الوزاريّة الثلاثة المخصصة للطائفة، كي تحلّ أزمة توزير رئيس ​الحزب الديمقراطي اللبناني​ النائب ​طلال أرسلان​، ما يعني أن عقدة التمثيل الدرزي لا تزال على حالها، ولم تشهد أيّ حلحلة تذكر. أبرز ما بُحث خلال اللقاء هو إعلان حالة تهدئة إعلامية بين الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني، لا سيّما وأن العلاقة بين الفريقين شهدت توتراً غير مسبوق وصل الى ذروته بين خلده و​المختارة​. حالة التهدئة طلبها الحريري من أبو فاعور، تقول المصادر المتابعة على غرار التهدئة التي أعلنت بين ​التيار الوطني الحر​ و​القوات اللبنانية​، علّها تسمح بتحقيق خرق في جدار العقدة الدرزية-الدرزية. هذه التهدئة التي طلبها الحريري من الفريقين الدرزيين، لم تحقق الخرق المنشود على الساحة المسيحيّة، وتحديداً بين التيار والقوات، كل ما أحدثته منذ إعلانها، هو وقف التراشق السياسي بين نواب ووزراء الفريقين المسيحيين، والحدّ قدر الإمكان من تصاعد السجالات بين مناصري الفريقين على وسائل التواصل الإجتماعي." لكن هذه التهدئة شيء، وتقديم التنازلات الحكومية شيء آخر كلياً " تقول المصادر المتابعة لمشاورات التأليف، مضيفة أن " رئيس التيار الوطني الحر وتكتل ​لبنان القوي​ وزير الخارجية في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ لا يبدي في جلساته الخاصة أي نية لإعطاء القوات ما طلبته من مقاعد وحقائب، لا بل يتمسك أكثر فأكثر برفضه إعطاء تكتل الجمهوريّة القويّة خمسة وزراء وهو العدد الذي تطالب به قيادة القوات، وكذلك بالنسبة الى الحقيبة السياديّة و​وزارة الطاقة والمياه​ التي لا يمكن أن يتنازل عنها التيار لأي فريق آخر". أما موقع نائب رئيس الحكومة الذي تصر ​معراب​ على إحتفاظها به كما هو الحال اليوم مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال ​غسان حاصباني​، فيترك التيار معركته الى رئيس الجمهورية، إنطلاقاً من الأعراف التي كرست حق تسمية نائب رئيس الحكومة له، وإنطلاقاً من أن الرئيس عون هو من تنازل عنه للقوات عند تشكيل حكومة سعد الحريري الثانية التي أصبحت بعد الإنتخابات الأخيرة حكومة تصريف أعمال.

في المحصلة، العقدة المسيحية–المسيحية تراوح مكانها وكذلك العقدة الدرزية–الدرزية. فقط، الحلحلة الوحيدة التي رصدت في الكواليس، تتعلق بتوزير النائب ​فيصل كرامي​ عن النواب السنة الفائزين من خارج ​تيار المستقبل​، "لكن هذه الحلحلة لا تشكل حكومة، ولا تؤشر حتى الى قرب موعد ​الولادة​ الحكومية" يقول المطّلعون، الأمر الذي يسمح بطرح السؤال، هل تبقى حركة الحريري بلا بركة؟.