في خلفيات التنازع على الحصص في الحكومة المقبلة، سعيا من مختلف الأفرقاء للحصول على "الثلث المعطل"، على قاعدة أن ​مجلس الوزراء​ المقبل سيكون على جدول أعماله العديد من الملفّات الحساسة، خصوصاً أزمة النازحين السوريين والتنسيق مع ​الحكومة السورية​، إلا أن أياً منهم لا يبوح بهذا الأمر بشكل علني، مع العلم أن هناك فريقين، على الأقل، قد يكونان قادران على التعطيل عبر إستعمال ورقة "الميثاقية".

لعبة التوازنات التعطيلية هذه لا تنحصر بالقوى المحليّة، بل تشمل أيضاً القوى الإقليمية غير الراغبة في ترجمة نتائج ​الإنتخابات النيابية​ في التشكيلة الحكومية، لا سيما المملكة العربية ​السعودية​، التي تريد أن تحصل القوى المقرّبة منها على هذا "الثلث"، أي تيار "المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​".

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطّلعة، عبر "النشرة"، إلى أن التكتلات الوزارية المحتملة لا يملك وحده "الثلث المعطل" في الحكومة المقبلة، بل ان كلا منها يحتاج إلى التحالف مع تكتلٍ آخر، على الأقل، للوصول إلى هذه الغاية، لكن هذا لا يمنع البعض من السعي إلى هذا الأمر بشكل منفرد.

وتلفت هذه المصادر إلى أن "الحزب التقدمي الإشتراكي"، على الرغم من تواضع الحصّة التي سيحصل عليها من حيث العدد، قد يكون الأكثر قدرة على التعطيل في حال نجح بالحصول على ما يطالب به، لناحية حصر تمثيل الطائفة الدرزية بـ"اللقاء الديمقراطي"، حيث سيكون بمقدوره منع إنعقاد أي جلسة لمجلس الوزراء، إذا كان لديه ما يعارضه على جدول أعمالها، من خلال تغيب وزرائه عن الحضور، مكرراً الحجة التي كان يرفعها "الثنائي الشيعي" لدى إنسحابه من حكومة فؤاد السنيورة، التي سبقت إتفاق الدوحة في العام 2008، الأمر الذي يبرر رفض هذا المطلب من القوى المعارضه له، لا سيما "​التيار الوطني الحر​"، التي تعتبر أنها بحال الموافقة ستمنح الحزب القدرة على التحكم بالسلطة التنفيذية.

على مستوى الأرقام، تشير المصادر نفسها إلى أن قوى الثامن من آذار تسعى، بشكل أو بآخر، إلى الحصول على الثلث المعطل على مستوى التصويت أيضاً او أقله الوصول الى عتبة الثلث المعطل، بعيداً عن الحصة التي سيحصل عليها "التيار الوطني الحر"، من خلال المطالبة بتمثيل العديد من أفرقائها، خصوصاً ما بات يعرف بالشخصيات السنيّة التي لا تدور في فلك تيار "المستقبل" و"​الحزب السوري القومي الإجتماعي​"، فبالإضافة إلى حصة الثنائي الشيعي، 6 وزراء، وحصة تيار "المردة"، وزير واحد، تريد أن ينضم وزير من الشخصيات السنية المشار إليها، سواء كان من حصة "التكتّل الوطني" أو "اللقاء التشاوري"، ما يعني رفع العدد إلى 9 وزراء في حال تمثيل "القومي"، على أن ينضم إليهم رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" طلال أرسلان، أي الوصول إلى عتبة 10 وزراء، وبالتالي يكون عليها التحالف مع تكتّل آخر لبلوغ "الثلث المعطل" على مستوى التصويت، إلا أنه، كما "اللقاء الديمقراطي"، تستطيع قوى 8 اذار التعطيل من خلال مقاطعة الوزراء الشيعة.

من جانبها، لن تكون قوى الرابع عشر من آذار قادرة على الوصول إلى "الثلث المعطل" على مستوى التصويت، إلا بتحالفها مع "الحزب التقدمي الإشتراكي"، نظراً إلى أن حصة تيار "المستقبل" لن تتجاوز بأقصى حدّ ستة وزراء، بينما حصة حزب "القوات اللبنانية" لن تتخطى الأربعة، أي بالمجمل 10 وزراء، وفي حين لن يكون "المستقبل" قادراً على الإمساك بورقة "الميثاقية"، نظراً إلى وجود وزير سني، على الأقل، من خارج حصته، إلا أنه رغم ذلك يملك "الفيتو"، من خلال ما يمنحه موقع رئاسة الحكومة من قدرات، فهو يتحكم، إلى حدّ بعيد، بجدول الأعمال، وبدعوة مجلس الوزراء إلى الإجتماع، الذي لا يستطيع أن يلتئم من دون حضور رئيسه.

من جانبه، يسعى "التيار الوطني الحر" إلى الوصول إلى الثلث المعطل أيضاً، بالتحالف مع الحصّة التي سيحصل عليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فهو يطالب بأن يكون لديه حصة وزارية من 6 وزراء مقابل 5 لرئيس الجمهورية، أو بأخرى من 8 وزراء مقابل 3 لرئيس الجمهورية، أو بصيغة ثالثة من 7 وزراء مقابل 4 لرئيس الجمهورية، إلا أن المصادر السياسية المطلعة تؤكد صعوبة هذا الأمر، حيث ترجّح ألاّ تتجاوز حصة التيار مع الرئيس العشرة وزراء، ما يعني حاجته إلى التحالف مع تكتّل آخر على مستوى التصويت، إلا أن هذا لا يلغي أهمية دور رئيس الجمهورية، على مستوى مشاركته في وضع جدول الأعمال مع رئيس الحكومة، بالإضافة إلى ترؤسه الجلسات متى أراد ذلك.