لم يكن ينوي ​حزب الله​ التدخل مباشرة بملف عودة ​النازحين السوريين​ الى بلادهم لو أن الدولة اللبنانية بأجهزتها المعنيّة قامت بواجباتها كاملة على هذا الصعيد، هكذا تبرر مصادر مقربة من حزب الله، افتتاحه مكاتب لتسهيل العودة، الأمر الذي أغضب القوى السياسية المعارضة لسياسة حزب الله وتحديدا ​تيار المستقبل​، ولكن الغضب لم يرتقِ الى مستوى "المبادرة" بالتصرف.

تسعة مراكز استحدثها حزب الله لتسجيل أسماء السوريين الراغبين بالعودة الى سوريا وتسهيلها، 4 مراكز في الجنوب، واحد في بيروت، و4 مراكز في البقاع، على أن يتم استحداث مراكز جديدة حسب الحاجة. يقصد النازح السوري المركز القريب من مكان سكنه، يملأ استمارة "العودة"، فتنقل الى المعنيين بهذا الملف في سوريا، ثم الى ​الأمن العام اللبناني​ لأجل تنسيق خروج المجموعات الراغبة بذلك. طريق العودة كما رسمها حزب الله لا تحتاج الى وقت طويل، فكلما انتهى التحضير لخروج مجموعة، تليها الأخرى.

لا يخفي حزب الله بحسب المصادر أن الحكومة السورية "طلبت" منه بشكل حصري إدارة ملف عودة النازحين، فالقيادة السورية تعلم أن الحزب قادر على إنجاز الملف بشكل سليم يضمن حقوق السوريين وسلامتهم، كما يضمن أمن سوريا. وتضيف: "إن هذا التكليف السوري يترافق مع تسهيل من القيادة السورية لشؤون هؤلاء النازحين من كافة الجوانب، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، فهي تتعاون بشكل غير مسبوق لاستعادة مواطنيها، سواء كانوا موالين للنظام السوري أو معارضين له، طالما أن أيديهم لم تتلوث بالدم السوري، والاستحصال لهم على أوراق ثبوتية إن كانوا قد فقدوا القديمة".

لا ينسق حزب الله مع وزارة الدولة لشؤون النازحين، فهي بالنسبة اليه وزارة تريد استثمار ملف النازحين سياسيًّا، لا تريد التنسيق مع القيادة السورية لأسباب سياسيّة، عملت طوال الفترة الماضية على الاستفادة ماديًّا من وجود النازحين. يقتصر تنسيق الحزب في لبنان على الأمن العام اللبناني، وهو يعتبر أن تحركه عمل تطوعي يريح لبنان وقواه السياسية التي تريد إنهاء هذا الملفّ من جهة ولا تملك جرأة القول أننا بحاجة الى التواصل مع الحكومة السورية من جهة ثانية.

من وجهة نظر مصادر نيابيّة في قوى الرابع عشر من آذار، لا يمكن السكوت على ما يقوم به "حزب الله" على هذا الصعيد، لا سيما أن هذا يكرس منطق تولّي الحزب المسؤولية عن الدولة، ما يعني التطبيق الفعلي لمبدأ "الدولة ضمن الدولة" ولكن في هذه الحالة يكون حزب الله "الدولة الكبيرة"، خصوصاً في ظل الخلاف الداخلي حول طريقة التعامل مع هذا الموضوع، وتضيف عبر "النشرة": "لا يمكن أن يفتح الحزب على حسابه على مستوى إدارة أزمة من هذا النوع، لأن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة اللبنانية".

بالنسبة إلى هذه المصادر، ليس هناك أي فريق معارض لعودة النازحين إلى بلادهم، إلا أن هذا الأمر يفترض أن يتم بالتنسيق مع ​الأمم المتحدة​، أو على الأقل مع الجانب الروسي لضمان العودة الآمنة، خصوصاً أن القسم الأكبر من النازحين هم من المعارضين للنظام السوري، ويعتبرون أن "حزب الله" بمثابة "المحتلّ" لبلداتهم، فكيف يمكن لهؤلاء أن يقصدوا حزب الله لتسهيل عودتهم بينما هم يعتبرون أن وجوده في سوريا هو سبب هروبهم منها. وتضيف: "إن أراد حزب الله المساعدة بإنهاء ملف النازحين فليبدأ من الخروج من سوريا أولا".

إن اكتفاء تيار "المستقبل" بالبيانات المندّدة بتصرّف حزب الله يعني بحسب المصادر امرا من إثنين، فإما هو موافق على ما يقوم به الحزب ولا يريد الإفصاح عن ذلك، وإما هو عاجز عن التصرف، وهذا ما يبدو أقرب الى الواقع، اذ أن الحزب لم ينتظر موافقة أحد على توجهه الى سوريا ولن ينتظر موافقة أحد على توليه إدارة عودة النازحين إليها.