بإستقبال سريع على شرفة المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية في ​الديمان​، بدأ لقاء الأمس بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي وعرابي تفاهم معراب، النائب ​ابراهيم كنعان​ ووزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال ​ملحم الرياشي​. بعدها، إنتقل الجميع الى مكتب البطريرك، أقفلت الأبواب، وبدأ النقاش.

تروي المصادر المتابعة للقاء، أن البطريرك الراعي فضّل في البداية الإستماع الى ضيفيه، والى كيفية فرض تهدئة سريعة بين "​التيار الوطني الحر​" و"​القوات اللبنانية​"، خصوصاً بعد عاصفة السجالات التي دارت بين الفريقين المسيحيين في الأسابيع القليلة الماضية على خلفية تشكيل الحكومة وبنود تفاهم معراب. وخلال إستماعه الى وجهتي النظر، كان سيد الصرح يبدي بين الحين والآخر وجهة نظره الداعمة لضرورة استمرار المصالحة المسيحية–المسيحية من جهة، والحريصة من جهة أخرى على عدم تحويل التفاهم الى ثنائية في وجه الاخرين. هنا قاطعه كنعان والرياشي قائلين: " لو كان هدفنا من الأساس الوصول الى ثنائية تلغي الآخرين لما عملنا على إقرار القانون الإنتخابي القائم على النسبيّة لتأمين الحفاظ على التعددية ولتمثيل كل طرف بحسب حجمه".

النقاشات في مكتب البطريرك، إستكملت على طاولة الغداء، وكان إصرار من الجميع على ضرورة إستكمال اللقاءات مع البطريركية وبين قيادتي "التيار" و"القوات"، كل ذلك بهدف التوصل الى آلية تنسيق مشتركة تنظم العلاقة بين الفريقين بشكل دائم. أجواء اللقاء كانت جديّة وجيّدة، وقد كان تشديد من الجميع على أن المصالحة المسيحية-المسيحية خط أحمر وممنوع على أحد العودة بعلاقة الفريقين الى الوراء، أي الى أيام الخلافات الدمويّة في الجامعات والشوارع. أما بالنسبة الى فكرة جمع رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ تحت سقف ​البطريركية المارونية​، فقد طرحت أيضاً خلال اللقاء ولكن من دون أن يحسم شيء على هذا الصعيد، لا موعد اللقاء ولا توقيته، وتضيف المصادر المتابعة " اللقاء بحاجة الى جهد وإتصالات، نظراً الى التصدّعات التي أصابت علاقة التيار والقوات". لقاء عرابي التفاهم ختمه سيد الصرح على طاولة الغداء، برفعه نخب إستمرار المصالحة المسيحية–المسيحية.

إذاً عادت بكركي الى لعب دور فقدته منذ تفاهم معراب وإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. دور جمع الأفرقاء المسيحيين تحت سقفها خصوصاً عندما تكون العلاقات السياسية فيما بينهم متوترة. دور تطمح البطريركية الى توسيع مروحة لقاءاته وصولاً الى تكرار مشهد جمع الأقطاب الأربعة، لكن العارفين بكواليس الصرح، يستبعدون توجيه دعوة للقاء رباعي مسيحي يضم قيادات "التيار" و"القوات" مع "الكتائب" و"المرده"، والسبب يعود الى عدم توافر الأجواء المناسبة لحصوله، خصوصاً في مرحلة ما بعد الإنتخابات وما تشهده الساحة السياسية من كباش على خلفية تشكيل الحكومة وتوزيع الحصص، لذلك، يمكن القول فقط هناك نيّة لدى البطريركية بجمع باسيل وجعجع أولاً والأقطاب الأربعة ثانياً، لكنها تبقى راهناً نية مع وقف التنفيذ.