أقامت الرعية المارونية في ​سن الفيل​ إحتفالا لإطلاق اسم المطران يوسف أنيس أبي عاد على مركزها الراعوي في كنيسة ​سيدة البير​، تخليدا لذكراه ووفاء لخدمته الكهنوتية والأسقفية، رعاه رئيس أساقفة ​بيروت​ المطران بولس مطر الذي احتفل بالذبيحة الإلهية، يحيط به كاهن الرعية الخوري ​جورج شهوان​ والخوري يوسف عساف وبمشاركة لفيف من الكهنة أبناء سن الفيل والذين خدموا فيها، رئيس البلدية نبيل كحاله وأعضاء المجلس البلدي ولجنة الوقف.

بعد ​الإنجيل​ المقدس، ألقى المطران مطر عظة تحدث فيها عن صاحب الذكرى وإيمانه وحبه لربه، جاء فيها: "بعد أن أقمنا تذكارا لسنة عبرت على عبور أخينا وعزيزنا المطران أنيس أبي عاد إلى البيت السماوي، تذكره اليوم سن الفيل العزيزة جدا على قلبه، وأنتم بادلتموه محبة بمحبة، بما لا وصف لها سوى الوفاء. نشكر الله، يا إخوتي، على هذه النعمة أنه أعطى كنيسته في ​لبنان​ وفي هذا الزمن رسولا غيورا بشخص المطران يوسف أنيس أبي عاد، المثلث الرحمات. هي نعمة لكل من عرفه وأنا منهم. كنا رفاقا زمنا طويلا بالدراسة. أسبقه بصف واحد وسنة واحدة. أنا ارتسمت كاهنا عام 1965 والخوري أنيس إرتسم عام 1966. وعشنا معا في أبرشية بيروت زمنا طويلا. وقادنا الروح عندما شغرت الكرسي الأسقفي في حلب، إلى اختياره أسقفا ومطرانا عليها، ورافقناه إلى حلب لنكون بقربه هناك. وقد دعانا بعدذاك عندما نظم مؤتمرا مارونيا في حلب وكان فرحا جدا لنعم الرب التي كانت تنزل على يديه على كل الشعب هناك. وما يفرح في هذه الأمور، أن كل حلب أحبت المطران أنيس وتبنته. نحن ​الموارنة​ لسنا كثيري العدد في حلب، حوالى 4000 شخص حفظهم الرب وثبتهم بأرضهم. لكن سائر الموارنة وسائر المسيحيين أحبوا المطران أنيس. ​المسلمون​ أحبوا المطران أنيس، لأنه كان يعتبر، وهذا ما يجب أن يكون، أنه مرسل من ​يسوع المسيح​ لكل الناس. وعندما كان المطران أنيس يصلي، صلى لكل الناس. وقد صلى كثيرا وقدم آلامه على نية السلام في حلب التي تركها مرغما وفي ظروف صعبة. وأنا على يقين من أن صلوات المطران أنيس وصلوات القديسين وحدها ستنجي ​سوريا​ وتعيد إليها الحياة والمصالحة والسلام. مخطئون كل الذين يظنون أن القوة المادية تحل المشاكل. هي تخلق مشاكل أخرى. الخوري ميشال الحايك، المونسنيور المعلم كان يقول: الغالب اليوم مغلوب غدا. لا شيء يدوم. الغلب يؤسس أحقادا والأحقاد تؤسس إنتقاما وحروبا جديدة. وحده سلام الله، سلام الغفران، سلام ​المحبة​ والمصالحة، يبني زمن سلام حقيقي للبشر. لذلك كان يقول ربنا يسوع المسيح: أعطيكم سلامي، لا كما يعطيه العالم. سلام العالم مفخخ هو توازن قوى. سلام الله هو سلام القلوب. هو سلام قبول الآخر وسلام الحوار والمحبة الذي آمن به المطران أنيس إيمانا كبيرا وعظيما".

اضاف: "في سن الفيل لا حاجة للحديث عن المطران أنيس. الأمور بذاتها تتحدث. هذا المركز الراعوي الذي قاده الروح إلى إنشائه. قد زرع مركزا راعويا صار قلب الرعية. القربان هنا في الكنيسة والعمل والحوار في المركز في ظل الكنيسة وصلاتها. فالتف الشباب من حوله وراحوا يغوصون بمعنى دينهم وإيمانهم وإنجيلهم وكنيستهم ومسؤولياتهم على كل جنس ونوع، سواء كانت مسؤوليات داخل الحياة ​المسيحية​ أم مسؤوليات مسكونية أو عالمية. وبما أن الشجرة تعرف من ثمارها، ثمار هذا المركز كانت العديد من الدعوات الكهنوتية والرهبانية، رجالا ونساء. هذه علامة أن الله بارك هذا العمل، فصار المركز الراعوي في سن الفيل، علامة فارقة في الأبرشية وفي لبنان. لدينا مركز آخر يعطي الدعوات في رعية القديسة تقلا في ​سد البوشرية​، وأيضا بفضل عمل كاهن ألهمه الرب إلى كل عمل صالح".

وتابع: "كانت صحة المطران أنيس ضعيفة، ولكن قلبه كان كبيرا. وكما قال بولس الرسول: عندما أكون ضعيفا أكون قويا. الله يظهر قوته في الضعيف. تظهر في ضعفنا ومن أجل ضعفنا. وهذا ما قاله سيدنا البطريرك الكاردينال ​مار نصرالله بطرس صفير​ الذي نحبه، إلى المطارنة يوم اختاروه بطريركا. فقال لهم: لقد اخترتموني وأنا لست أوجهكم ولست أعلمكم وليست أقدسكم.أنا أقر أني ضعيف ولكني، كما قال بولس الرسول، قوي بالذي يقويني. قوانا الله وقوانا إلى كل عمل صالح. المطران أنيس كان قويا بالذي قواه، وكان قد اختار شعارا لسيامته الكهنوتية، ما قاله الرب إلى بولس: تكفيك نعمتي. إذهب أنا معك. أكون معك. هذا ما قاله الرب للنبي إرميا. أضع في فمك كلامي. وإذا كنا نستقبل الروح ​القدس​ في قلوبنا، هو الذي يعلمنا ما يجب أن يكون. الخوري أنيس عندما عمل في الرعية والكرسي الأسقفي كان الروح يقوده ويلهمه إلى كل عمل صالح، ليكون رجل الخير والمصالحة والسلام والتطلع إلى الأمام وخدمة الرب وبنيان ملكوته في القلوب. الروح القدس هو الذي يقودنا إلى كل عمل صالح. نشكر الله على هذه النعمة أننا عرفنا المطران أنيس وعرفنا، أحببناه واحبنا، ومن حيث هو اليوم في علياء السماء يذكر في صلاته كل من أحبه وينتظر منه أن يصلي لأجله. كونوا على ثقة أن دور الكاهن ودور المطران أن يتشفع لرعيته وأبرشيته أمام الله. الكاهن هو شفيع رعيته. لذلك صلاة المطران أنيس باقية اليوم وله الأبدية في صلواته في سبيل رعيته وكنيسته وأبرشيته وفي سبيل السلام في المنطقة والعالم".

وقال: "المطران أنيس عندما ذهب الى حلب كان يقول أن ​تركيا​، جاهزة للانجيل، إذا أتيحت لنا الفرصة للتبشير في تركيا. الشعب التركي قريب من الإنجيل. الشرق يحتاج إلى حرية. حرية الإيمان وحرية الضمير. المطران أنيس كان يحلم للتبشير في تركيا ولزرع كلمة الله في القلوب. روح المسيح تخرق القلوب والأفكار. روح المسيح ليست محصورة بين المسيحيين فقط. روح القدس يعمل في كل القلوب.

وعندما اجتمع الأساقفة الموارنة ال45 في لقائهم السنوي، كان طيف المطران أنيس حاضرا بيننا في لطفه ومداخلاته وحضوره. وبعدما نقلت رفات المطران أنيس إلى مدفن جديد بني لأجله في دفون مع أنه كان يحلم أن يدفن في براد. نأمل أن تعود براد إلى هناءتها ومكان تكريم القديس مارون وتكريم المطران أنيس إذا شاء الله. وسنبارك لوحة تذكارية في المركز تخليدا لذكراه علامة محبة من الرعية والأباء الأجلاء الأحباء ووفاء لهذا الإنسان الذي علم الوفاء والذي أخذه من ربه يسوع المسيح له المجد إلى الأبد".